طائفة الحشاشين أو الدعوة الجديدة -كما أسمّوا أنفسهم- هم فرقة منظمة من القتلة الذين ظهروا من أواخر القرن الحادي عشر إلى أواخر القرن الثالث عشر الميلادي في سوريا وبلاد فارس وأثاروا الرعب في قلوب الكثيرين بسبب قسوتهم وتعطشهم الشديد للدماء.
التعريف بطائفة الحشاشين
طائفة الحشاشين (بالإنجليزية: Order of Assassins) هم جماعة من القتلة ينتمون إلى طائفة النزارية الإسماعيلية من الإسلام الشيعي، وعاشت هذه الطائفة في جبال سوريا وبلاد فارس (إيران حاليًا) بين عامي 1090م و1275م، وتتمثّل مهمة الحشاشين الرئيسية في اغتيال الزعماء المسلمين والمسيحيين الذين كانوا يرونهم أعداء دولتهم المزعومة.
مؤسس طائفة الحشاشين
أسس حسن الصباح الدولة الإسماعيلية النزارية التي عُرفت لاحقًا بالحشاشين في عام 1090م، وذلك بعد استيلائه على قلعة ألَموت في بلاد فارس، حيث كانت القلعة هي المقر الرئيسي للقتلة، واختاروا فيما بعد عددًا من القلاع الأخرى في إيران وسوريا لتكون مخابئ لهم أيضًا، وحكم حسن الصباح الدولة الإسماعيلية النزارية حتى وفاته عام 1124م.
وصف طائفة الحشاشين
زرعت طائفة الحشاشين الرعب بصورة تفوق أعدادهم ومساحات أراضيهم الصغيرة، وكانوا مخلصين لجماعتهم تمامًا ومستعدين للموت بكل إصرار وعزم، وحولت الطائفة جرائم القتل إلى نظام موجّه إلى حد كبير ضد أصحاب السلطة من المسلمين السلجوقيين وحلفائهم الذين كانوا يحاربون جماعتهم، وكانوا دقيقين في عملية قتل الشخص المستهدف دون حدوث أي إصابات أو خسائر إضافية لأشخاص آخرين، ولإضفاء مزيد من الرعب حول جماعتهم كانوا ينفذون عمليات الاغتيال في الأماكن العامة لا سيما المساجد، حيث كانوا يقتربون من الضحية ويهاجموه بالخنجر، رافضين استخدام السم والأقواس والأسلحة الأخرى.
تنظيم طائفة الحشاشين
على الرغم من أنّ مصطلح الحشاشين أو القتلة يشير إلى كافة أفرد الطائفة، كانت مجموعة معينة من الطائفة المعروفين باسم الفدائيين هم فقط من ينفذون عمليات استهداف الشخصيات وقتلها، ولم يمتلك الحشاشون جيش رسمي منظم بل اعتمدوا على هؤلاء المحاربين في التجسس والاغتيال، وشكّل الحشاشون تهديد حقيقي للدول الفاطمية والعباسية والسلجوقية على مدار نحو 300 عام، قتلوا خلالها المئات من شخصيات الدولة، من بينهم ثلاثة خلفاء وحاكم القدس وعدد كبيير من القادة المسلمين والمسيحيين.
استراتيجيات القتل
كانت استراتيجية الحشاشين تقوم على مبدأ استهداف أعداء محددين يمتلكون سلطة قوية في الدولة، وكانوا يميلون دائمًا إلى استخدام الخنجر في تنفيذ عمليات القتل، وتُنفّذ عادةً عمليات القتل بواسطة مجموعة صغيرة، تكون متخفية غالبًا على هيئة متسولين أو رجال دين مسلمين أو مسيحيين، ولا تتم عمليات الاغتيال إلا بعد تخطيط مُسبق، أمّا إنْ وقعوا في أيدي خصومهم فالحل الوحيد المعروف لديهم هو الانتحار.
أبرز الشخصيات التي اغتالها الحشاشين
من أبرز ضحايا طائفة الحشاشين الوزير السلجوقي المعروف باسم نظام الملك الطوسي والوزير الفاطمي الأفضل شاهنشاه والقاضي أبو الفضل بن الخشاب الحلبي وريموند الثاني حاكم طرابلس والأمير إدوارد الأول ملك إنجلترا والمركيز "كونراد دى مونفيرا" الحاكم الصليبي لبيت المقدس، وحاولت طائفة الحشاشين اغتيال القائد صلاح الدين الأيوبي عدة مرات كادت أنْ تنجح في كل مرة، وعلى إثر ذلك قام صلاح الدين بمحاصرة مقارّهم عدة مرات.
نهاية طائفة الحشاشين
كانت نهاية طائفة الحشاشين على يد المغول، بعد أن توجهوا غربًا لتوسيع إمبراطوريتهم وهزموا الحشاشين في طريقهم، وذلك من خلال السيطرة على قلاعهم واحدة تلو الأخرى بما في ذلك قلعة ألَموت، وكانت البداية في استهداف الحشاشين لأحد قادة المغول الذين نجحوا لاحقًا بقيادة هولاكو في هزيمة الحشاشين بفضل آلات الحصار والمقاليع المتطورة التي يمتلكونها، وكان المغول يمتلكون قنابل البارود التي ألقوها من مسافات بعيدة بدقة على فرقة القتلة، في المقابل لم يقف الحشاشون مكتوفي الأيدي، بل حاولوا بكل قوتهم مجابهة المغول من خلف حصونهم، وتسببوا بالفعل بخسائر فادحة للجيش المغولي، حيث كانوا يستخدمون أقواسهم ومقالعهم المحمولة باليد، ولكن في النهاية استطاع المغول الاستيلاء على قلاع الحشاشين وإسقاط تنظيمهم وإنهاء خطرهم.
5 معلومات عن طائفة الحشاشين بين الحقيقة والخيال
كانت طائفة الحشاشين مصدر للكثير من الحكايات والقصص التي تراوحت بين الخيال والحقيقة، وذلك بسبب الطبيعة الغامضة وغير المعهودة للفرقة التي احتلت المشهد الأبرز في العصور الوسطى، ومن المعلومات المتداولة عنهم ما يلي:
- الحشاشون لا يتعاطون الحشيش
يعتقد الكثيرون أنّ مصطلح الحشاشين مرتبط بمخدر الحشيش، ولكن في الواقع فإنّ اللفظ يُعتقد أنّه جاء من كلمة الاغتياليين حسب اللفظ الفرنسي أو من العساسين المشتقة من العسس وهم حراس القلاع والحصون، ولم تؤكد أي نصوص أو مصادر إسلامية أو عربية استخدام هذه الطائفة للحشيش.
- لُقب حسن الصباح بشيخ الجبل
وصل حسن الصباح مؤسس طائفة الحشاشين إلى أصفهان عام 1081م، بعد أنْ درس عقائد المذهب الإسماعيلي في مصر، وبعد استقراره في إيران عمل على نشر مذهبه في جميع أنحاء البلاد، واتخذ من قلعة ألَموت مقر له بسبب ارتفاعها وصعوبة الوصول إليها، ولم يغادر القلعة لمدة 35 سنة حتى وفاته، ولُقّب حسن الصباح بشيخ الجبل.
- بناء نموذج للجنة في قلعة ألموت مجرد كذبة
روّج الرحالة ماركو بولو إلى أنّ قلعة ألموت تضم حديقة كبيرة مليئة بالأشجار، وفيها قصور وجداول ماء وعسل، وفيها بنات جميلات يرقصن ويغنين، حتى يوهم شيخ الجبل أتباعه بأنهم في الجنة، لتشجيعهم على تنفيذ عمليات القتل مستخدمًا مخدر الحشيش، ولكن لا صحة لكل هذه الرواية على الإطلاق، حيث أنّ قلعة ألموت أُحرقت عام 1256م، بينما ولد ماركو عام 1254م، أي قبل عامين من تدمير القلعة، بجانب أنّ الطبيعة المناخية لمنطقة القلعة غير صالحة للزراعة، وذلك لأنّ الثلوج تغطيها على مدى سبعة أشهر من العام.
- عندما تلتقي المصالح السياسية لا مكان للعداوات الشخصية
على الرغم من العداوة الكبيرة بين صلاح الدين الأيوبي وفرقة الحشاشين الذين حاولوا اغتياله عدة مرات، ذكر المؤرخون أن قتل المركيز الصليبي كونراد مونفيراتو ملك بيت المقدس كان نتيجة تعاون بين الفرقة وصلاح الدين، حيث حصلت هدنة بين الطرفين بعد أربعة أشهر من عملية الاغتيال.
- طائفة الحشاشين في الأدب العالمي
كانت طائفة الحشاشين مصدر إلهام للعديد من الأدباء، ومن أبرز الأعمال الأدبية التي استُقيت من تاريخ الطائفة رواية سمرقند للأديب الفرنسي لبناني الأصل أمين معلوف، التي نُشرت في عام 1988م، والتي تذكر قصة علاقة عمر الخيام مع حسن الصباح وتروي قصص الحكام مع طائفة الحشاشين حتى انهيار دولتهم وسقوطها بيد المغول، وحصلت هذه الرواية على العديد من الجوائز الأدبية.