تِلِمسان مدينة جزائرية عريقة تقع في شمال غرب البلاد، وهي عاصمة إقليم تلمسان وثاني أهم مدينة في الجانب الغربي بعد مدينة وهران، وتبعد تلمسان عن العاصمة الجزائرية حوالي 600 كيلو متر وعن الحدود المغربية حوالي 40 كيلو متر.
وصف مدينة تلمسان
تقع مدينة تلمسان على ارتفاع 807 متر عن سطح البحر بالقرب من الحدود مع المغرب، وتمتاز المدينة بمنحدراتها الجبلية التي تطل على السهول الخصبة، وهي بعيدة عن ساحل البحر الأبيض المتوسط بمسافة كافية لتفادي التأثر برطوبته، ولكنها في نفس الوقت قريبة بدرجة تكفي لاستقبال نسمات البحر الباردة في فصل الصيف، لهذا لعب مناخها المعتدل دور رئيسي في اختيار المنطقة للسكن والاستقرار من قِبل عدد من السكان المتعاقبين على مر التاريخ.
تلمسان في عصور ما قبل التاريخ
كانت تلمسان والمناطق المحيطة بها مأهولة بالسكان خلال العصر الحجري الحديث، وتمّ اكتشاف ذلك من الآثار الموجودة في المكان، حيث يوجد هناك ثلاثة مواقع حيوية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وهي بحيرة كرار الواقعة على مسافة كيلو متر واحد جنوب بلدة الرمشي والكهوف الصخرية شمال مدينة مغنية والملاجئ الصخرية في بلدة أوزيدان التابعة لولاية تلمسان، وكانت الكهوف والملاجئ مساكن ملائمة لإنسان ما قبل التاريخ الذي استوطن المنطقة لفترات طويلة.
تلمسان في العصور القديمة (في عهد الرومان)
اتخذ الرومان تلمسان موقع عسكري للإمبراطورية الرومانية القديمة في القرن الثاني للميلاد وأطلقوا عليها اسم بوماريا، وسرعان ما أصبحت المدينة بعد ذلك مقر للكنيسة الرومانية الكاثوليكية في شمال إفريقيا، وهذا ما جعلها من أهم المدن المسيحية في شمال إفريقيا لعدة قرون، إلى أن جاء الفتح الإسلامي لإفريقيا في عام 708 للميلاد.
تلمسان في ظل الحكم الإسلامي
في خلال القرنين الثامن والتاسع أصبحت تلمسان مقر للأمازيغ الخوارج الذين طوروا الواحات الصحراوية الصغيرة وربطوها بطرق القوافل التجارية المارة بالصحراء والتي تنتهي عند تلمسان، مما أكسب المدينة دور تاريخي كبير على مدى عقود طويلة لاحقة، وبحلول عام 1082 للميلاد اتخذ زعيم المرابطين يوسف بن تاشفين من المدينة معسكر ومقر له ولأتباعه، إلى أن أصبحت السيطرة على تلمسان في القرن الثاني عشر بيد دولة الموحدين، وفي خلال فترة الانتقال هذه تعرضت تلمسان والمنطقة المحيطة بها إلى الدمار بسبب تدمير المنظومة الزراعية فيها نظرًا للنزاعات والمعارك التي قامت في المنطقة بين الموحدين والمرابطين، وانتهى الأمر إلى أن تصبح المدينة مركز تجاري وإداري رئيسي تحت حكم دولة الموحدين، وفي عام 1236 للميلاد أصبحت تلمسان مملكة لأكثر من 300 عام، حتى خضوعها لحكم الإمبراطورية العثمانية في عام 1554 للميلاد، ولكن فقدت المدينة الكثير من أهميتها بعد الحرب العالمية الثانية، وباتت محطة للسكك الحديدية لا أكثر.
تلمسان في العصر الحديث
على مدى القرون القليلة السابقة أُعيد اكتشاف جمال مدينة تلمسان الأثرية واستُعيدت المواقع التاريخية التي تعد الآن من ضمن أهم الأماكن السياحية في الجزائر، ففي عام 1993 تم بناء منتزه تلمسان الوطني لحماية الأماكن التاريخية والأثرية المتنوعة في المنطقة، إلى جانب حماية الطبيعة المحيطة بالمدينة والتي تتميز بالشلالات الطبيعية والكهوف القديمة والغابات الكثيفة.
أهم المعالم الأثرية في تلمسان
تشتهر تلمسان بوجود العديد من المساجد القديمة فيها، إلى جانب معالم أثرية أخرى من أهمها ما يلي:
- الجامع الكبير
بُني الجامع الكبير بتلمسان في عام 1136، وهو أحد أقدم خمسة مساجد في الجزائر وأجمل المساجد في البلاد، ويقع الجامع في وسط المدينة ويسهل رؤيته بفضل مئذنته الطويلة، وأنشئ المسجد على الطراز المعماري الأندلسي القديم، لهذا فإنه يُقارن غالبًا بالمسجد الكبير في قرطبة بإسبانيا نظرًا للطراز المعماري المماثل الذي يجمعهما.
- مسجد المنصورة
يقع مسجد المنصورة في الجهة الغربية لمدينة تلمسان، على أطلال مدينة المنصورة التي كانت في وقت سابق مدينة مسوّرة يبلغ طول أسوارها 4000 متر وارتفاعها 13 متر تحيط بالمدينة من كل جانب، ويحتوي كل جدار على ما يناهز 80 برج مراقبة، وأكثر ما بقي من مسجد المنصورة مئذنته الشاهقة التي لا يمكن تسلقها، وبني المسجد على الطراز المعماري الأندلسي القديم.
- قصر المشور
كان قصر المشور في تلمسان ذات يوم جزء من قلعة كبيرة بُنيت في عام 1248 ودُمّر معظمها في فترة حكم الدولة العثمانية، ولكن أعادت الحكومة الجزائرية ترميم جزء كبير من القلعة في عام 2010 لتكون جزء من تراث المدينة وعاصمة للثقافة الإسلامية في عام 2011، أما عن قصر المشور فتحول المسجد التابع له إلى كنيسة في فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، وفي الوقت الحالي يضم المكان متحف لعرض التراث الوطني الجزائري من مختلف المناطق، إلى جانب توفر العديد من المشغولات والحرف اليدوية والهدايا التذكارية.
كهف بني عاد والشلالات الطبيعية
يقع كهف بني عاد على مسافة 20 كم جنوب شرق تلمسان، وهو تحفة فنية قديمة يتجاوز عمرها 65000 سنة، ويحظى الكهف بشعبية عالية لا سيما في أشهر الصيف، فعندما تصل حرارة المدينة إلى 36 درجة مئوية فإنّ الحرارة داخل الكهف لا تتجاوز 16 درجة مئوية، وفي طريق العودة من زيارة كهف بني عاد هناك العديد من الشلالات الصغيرة القديمة التي تتوزع في المنطقة.
معلومات أساسية حول تلمسان
من أبرز المعلومات الأساسية حول مدينة تلمسان الجزائرية ما يلي:
- السكان
وفقًا لإحصائيات عام 2008 بلغ عدد سكان مدينة تلمسان نحو 140000 نسمة.
- الاقتصاد
تشتهر تلمسان بصناعة السجاد والمفروشات والمنسوجات الحريرية والصوفية والقطنية والجلود والأسمدة واستخراج الزيوت النباتية.
- أصل التسمية
يُعتقد أن أصل تسمية تلمسان يعود للكلمة الأمازيغية تيلي مسان والتي تعني البئر الجافة، وبهذا يكون الأمازيغ هم أول من أطلقوا هذه التسمية على المدينة، بينما أطلقوا في البداية على المدينة القديمة اسم أغادير والتي تعني القلعة.
- الثقافة
نظرًا لمرور العديد من الثقافات والحضارات على مدينة تلمسان عبر التاريخ فإنّ ذلك أكسبها تنوع اجتماعي وديني وثقافي عالي، مما انعكس على ثقافة سكانها الحاليين وعاداتهم، ومنح المدينة سمة فريدة قلّ ما يمكن العثور عليها في مكان آخر.
- الموقع الجغرافي
يحد مدينة تلمسان من الشمال البحر المتوسط، ومن الجنوب محافظة النّعامة، ومن الشرق مدينتا سيدي بلعباس وعين تموشنت، أما من الجهة الغربية فتحدها المملكة المغربية.
أبرز شخصيات مدينة تلمسان
من الشخصيات البارزة في مدينة تلمسان ما يلي:
- بن أبو عجالة (1325–1375)، شاعر وكاتب
- أحمد محمد المقري (1591–1632)، مؤرخ
- مصالي الحاج (1898–1974) ، سياسي قومي
- عبد الحليم حمشة (1906-1979)، رسام
- محمد ديب (1920-2003)، كاتب
- بن عودة بن زردجب (1921–1956)، طبيب وشهيد
- بشير يليس (مواليد 1921)، رسام
- جيلالي ساري (مواليد 1928)، عالم اجتماع ومؤرخ
- عبد المجيد مزيان (1929-2001)، عالم ورجل دين