معركة السوم أو هجوم السوم (بالفرنسية: Bataille de la Somme؛ بالألمانية: Schlacht an der Somme؛ بالإنجليزية: Battle of the Somme) هي معركة جرت أحداثها أبّان الحرب العالمية الأولى بين القوات الألمانية وقوات التحالف، وانتهت بخسائر فادحة لكلا الطرفين، ووقعت المعركة في فرنسا على ضفتي نهر يحمل الاسم نفسه، وتعد معركة سوم أحد أكبر المعارك وأكثرها دموية في الحرب العالمية الأولى.

حول معركة السوم

وقعت معركة السوم خلال الحرب العالمية الأولى في الفترة ما بين 1 يوليو إلى 18 نوفمبر 1916م، وهي عملية مشتركة بين القوات الفرنسية والبريطانية بهدف إلحاق هزيمة ساحقة بالقوات الألمانية على الجبهة الغربية، واتُّفق على إجراء أحداثها في منطقة نهر سوم الفرنسي في صيف عام 1916م، وعزّز الضغط الألماني المتزايد على فرنسا في مدينة فردان الفرنسية التي كانت أرضًا للمعارك خلال الحرب العالمية الأولى طيلة عام 1916م إلى حرص قوات التحالف على إجراء معركة سوم، وبالفعل بدأ البريطانيون تولي الدور الرئيسي في الهجوم على القوات الألمانية.

بداية المعركة 1 يوليو 1916

قبل بدء المعركة شنّت قوات التحالف هجومًا بالمدفعية الثقيلة لسبعة أيام، استخدمت فيها نحو 1.75 مليون قذيفة، بهدف تدمير مواقع القوات الألمانية وقطع الأسلاك الشائعة التي تحمي دفاعاتها، وفي صبيحة 1 يوليو 1916 بدأت الفرقة الرابعة من الجيش البريطاني (نسبة منهم متطوعين يخوضون المعارك للمرة الأولى) بالتقدّم نحو شمال منطقة سوم الفرنسية، وبالتزامن مع تقدم فرقة الجيش البريطاني تقدّمت خمس فرق من القوات الفرنسية جنوب سوم، نقطة ضعف الدفاعات الألمانية، وكان قادة قوات التحالف على يقين بأن القصف المدفعي الذي سبق المعركة كان كافيًا للقضاء على الأسلاك الشائكة التي كانت الواجهة الدفاعية الأولى للعدو، ولكن ما حدث كان مغايرًا تمامًا، حيث بقيت معظم  الدفاعات الألمانية سليمة لأنّ الكثير منها كانت خنادق تصل إلى أعماق الأرض، لذلك لم تتمكن القوات البريطانية المهاجِمة من اجتياز حاجز الأسلاك، وتمكنت البنادق والمدافع الرشاشة الألمانية من محاصرة البريطانيين وقتل وجرح الآلاف مع نهاية اليوم الأول من المعركة.

بداية معركة الاستنزاف

استطاعت قوات التحالف تحقيق نصر أكبر في الجنوب، على الرغم من أنها مكاسب محدودة لا تُقارن بالخسائر التي تكبدتها في اليوم الأول من المعركة، ولكن أصرّ دوغلاس هيج قائد القوات البريطانية على إتمام عملية الهجوم، ففي خلال الأسبوعين التاليين نفّذ البريطانيون مجموعة من الهجمات الصغيرة المتتابعة على القوات الالمانية، ممّا أجبرهم على تحويل بعض الجنود والأسلحة من مدينة فردان، وفي صبيحة يوم 15 يوليو بدأت القوات البريطانية بشن هجوم مدفعي عنيف على بازنتين ريدج في الجهة الشمالية من منطقة سوم، وفاجئ هذا الهجوم المباغت الألمان، واستطاع البريطانيون التوغل إلى داخل أراضي العدو والسيطرة على قرية لونجيفال، ولكن كان ثمن أي تقدّم بسيط وقوع خسائر فادحة من كلا الطرفين، حيث فقدت قوات التحالف أكثر من 200 ألف جندي وفقد الألمان حوالي 160 ألف جندي بحلول نهاية يوليو، وبقرب نهاية أغسطس انخفضت الروح المعنوية للألمان بسبب فقدانهم السيطرة على سوم وفردان، وفي محاولة لإعادة إنعاش المعنويات استُبدل الجنرال الألماني إريك فون فالكنهاين بالجنرالين بول فون هيندنبورغ وإريك لودندورف، وكان هذا التغيير تغييرًا في استراتيجية الألمان الذين بنوا خط دفاعي جديد خلف جبهة سوم، مع التنازل عن الأراضي المحتلة، وفي نفس الوقت استمروا بتكبيد قوات التحالف المتقدمة المزيد من الخسائر.

نهاية المعركة

بحلول يوم 18 نوفمبر 1916م، أصدر القائد العام للقوات البريطانية السير دوغلاس هيج الأوامر بوقف هجوم قواته بالقرب من نهر السوم في شمال غرب فرنسا، وبذلك أنهى أحداث معركة السوم الملحمية التي امتدت لأكثر من أربعة أشهر من الصراع الدموي الوحشي، أجرت فيها قوات التحالف ما يزيد عن 90 هجوم، تمكنت خلالها من التوغل في منطقة السوم، ولكن كلّفها ذلك الآلاف من جنودها ما بين قتيل وجريح، وبعد أنْ أصدر دوغلاس هيج أمرًا بإلغاء الهجوم أصرّ في رسالته الرسمية من أرض المعركة أنّ العملية حقّقت أهدافها المرجوّة.

معركة السوم كخلاف تاريخي

تُصنّف السوم على أنها واحدة من أطول معارك الحروب استنزافًا، ولا تزال مصدر جدل تاريخي كبير، حيث وجهّت انتقادات عديدة لقادة القوات البريطانية القاسين وغير الفعالين، والذين أمروا جنودهم بالتقدّم في هجمات مكلفة وغير مُجدية، مع عدم وجود التكتيكات والأسلحة الملائمة لاختراق خنادق العدو، من جانبٍ آخر ألقى مؤرخون اللوم على طلبات المساعدة الفرنسية المتكررة التي أجبرت البريطانيين على الدخول في حرب غير مستعدين لها، فالقوات البريطانية لم تكن تمتلك مدفعية أو قذائف ثقيلة كافية لصد هجمات الألمان، ممّا ألحق بهم خسائر كبيرة، وعمومًا يُنظر إلى معركة السوم على أنها مأزق مكلف أدى إلى توجيه كيل من الانتقادات الحادة لقادة التحالف، لا سيما دوغلاس هيج، الذي أصرّ على إعطاء الأوامر لقواته بالتوغل نحو أراضي العدو رغم معرفته بمدى الخسائر التي قد تحدث للقوات، وانتُقدت أيضًا الاستراتيجيات الدفاعية للقوات الألمانية التي كان من الممكن أنْ تكون أكثر عمق وتطور لتفادي وقوع المزيد من الخسائر في صفوفها.

8 معلومات أساسية عن معركة السوم

تُعدّ معركة السوم واحدة من الأحداث الأكثر دموية في الحرب العالمية الأولى نتيجة عدد الضحايا المذهل الذي وصل إلى أكثر من مليون ضحية بعد انتهاء المعركة ما بين قتيل وجريح ومفقود، ومن أبرز المعلومات عن معركة السوم ما يلي:

  • استمرت المعركة لمدة 144 يوم

بعد القصف الذي شنته قوات التحالف لمدة أسبوع، استمرت معركة السوم قرابة خمسة أشهر، حيث بدأت في 1 يوليو 1916 وانتهت في 13 نوفمبر 1916، ولكن تمّ تأجيل الإعلان رسميًا عن وقف الهجوم في 18 نوفمبر 1916.

  • كان هناك 16 فرقة تقاتل على طول نهر السوم

انخرطت 16 فرقة من قوات التحالف في معركة السوم؛ قاد السير هنري رولينسون أحد عشر فرقة من الجيش الرابع البريطاني تحت قيادة السير دوغلاس هيج، بينما قاد الفرق الفرنسية الأربع الباقية الجنرال فرديناند فوش.

  • كان قادة التحالف متفائلين للغاية

بالغ القادة العسكريون لقوات التحالف في تقدير الأضرار التي لحقت بالقوات الألمانية في أسبوع القصف الذي سبق المعركة، حيث حفر الألمان خنادقهم الدفاعية بعمق، وكان أغلبها محمي من القذائف، وكانت معلوماتهم غير دقيقة حول حالة الجيش الألماني.

  • قُتل 19240 جندي بريطاني خلال اليوم الأول للمعركة

شهد اليوم الأول لمعركة السوم أكثر الأحداث دموية في تاريخ الجيش البريطاني، فبسبب ضعف المعلومات الاستخباراتية والتقليل من أهمية الجيش الألماني وعدم التسلح بما يكفي من الموارد الحربية، قُتل ما يقارب من 20 ألف جندي بريطاني في اليوم الأول للهجوم.

  • أعاقت المعدات الثقيلة للجنود من تحركاتهم

أحد أخطر الخطوات في حرب الخنادق هو تجاوز الخندق والدخول إلى أرض المعركة، حيث كان على جنود التحالف التحرك بسرعة لضمان سلامتهم والوصول إلى الأعداء، ولكن كان كل جندي يحمل نحو 30 كيلو جرام من المعدات على ظهره، وهذا ما أبطأ تقدّم قوات التحالف نحو أرض المعركة.

  • ظهرت الدبابات لأول مرة في معركة السوم

استُخدمت الدبابات للمرة الأولى في معركة السوم، ففي 15 سبتمبر 1916 أطلق البريطانيون 48 دبابة من طراز  Mark I، استطاعت 23 منها مساعدة قوات التحالف في التقدم نحو القوات الألمانية.

  • قُتل نحو 500.000 جندي بريطاني

مع انتهاء معركة السوم، وصل عدد قتلى القوات الألمانية والبريطانية والفرنسية إلى أكثر من مليون فرد، منهم 420.000 جندي من القوات البريطانية.

  • ارتفع عدد الضحايا الألمان بسبب أمر الجنرال  فريتز فون

أمر الجنرال فريتز فون جنوده بعدم السماح لقوات التحالف بالسيطرة على أي جزء من الأرض، وهذا يعني أنّ على القوات الألمانية الهجوم المضاد من أجل استعادة أي خسائر مهما كان الثمن، وعلى إثر ذلك قُتل نحو 440.000 جندي ألماني.