تقع الأهرامات في جمهورية مصر العربية وأشهرها الأهرامات الكبرى الموجودة في محافظة الجيزة على الضفة الغربية لنهر النيل وتبعد عن العاصمة المصرية القاهرة مسافة 8 ميل، والأهرامات بنايات ملكية بناها القدماء المصريين في الفترة ما بين عام 2630 و1530 قبل الميلاد وكانت مقابر للملوك وزوجاتهم، وقبل عام 2007 كانت الأهرامات إحدى عجائب الدنيا السبع، وأدرج موقع التراث العالمي الآثار القديمة في منطقة ممفيس، بما في ذلك أهرامات الجيزة وسقارة ودهشور وأبي صير وأبو رواش على قائمتها، ومن الجدير بالذكر أنّ أهرامات مصر ليست الوحيدة في العالم حيث بُنيت عدة أهرامات في أوقات مختلفة في السودان واليونان وإيطاليا وغرب آسيا والهند وتايلاند وبعض جزر المحيط الهادئ وقبرص والمكسيك وإثيوبيا واليونان.
عدد الأهرامات في مصر؟
يعتقد الكثير من الناس أنّ الأهرامات في مصر تقتصر على ثلاثة أهرامات فقط، خوفو ومنقرع وخفرع، وسُميت بذلك نسبةً للملوك الذين بُنيت من أجلهم، ولكن الحقيقة ليست كذلك فيوجد في مصر ما يزيد عن 100 هرم ولكنها أصغر حجمًا من الأهرامات الثلاثة المعروفة، وفي المقابل فإنها لا تقل بفنها ومعمارها عن أهرامات الجيزة الكبرى ولكنها تعاني من بعض الاهمال ونقص الدعاية والترويج لها وصعوبة الوصول إليها كأهرامات سقارة ودهشور واللشت وأبو صير، ومن الجدير بالذكر أنه فيما سبق كان في مصر عدد كبير من الأهرامات ولكنها تحولت لأكوام من الأنقاض ونُهبت محتوياتها الثمينة.
لماذا بُنبيت الأهرامات؟
بُنيت الأهرامات في وقت كانت به مصر واحدة من أقوى الحضارات في العالم وأغناها، منذ بداية العصور القديمة وحتى نهاية العصر البطلمي في القرن الرابع الميلادي، وتم إنشائها لتكون صروحًا جنائزية للملوك الذين بُنيت من أجلهم وهذا يدل على المكانة العظيمة التي احتلها الملوك في المجتمع المصري القديم، حيث كان يُعتقد أن الآلهة هي من اختارتهم ليكونوا وسطاء لهم على الأرض لذلك اعتقدوا أنه يجب الحفاظ على سلامة الملك حتى بعد وفاته.
وساد أيضًا لدى القدماء المصريين اعتقاد أنه عند موت الملك فإنّ جزء من روحه تبقى معه لذلك يجب رعاية هذه الروح، ولهذا السبب حنطوا جثث ملوكهم ودفنوا معهم كل ما يحتاجه الملك في الحياة الآخرة كالطعام والشّراب والأثاث والأواني الذهبية، وهذا الاعتقاد جعلهم مستمرين بعبادة الملك حتى بعد وفاته.
كيف بُنيت الأهرامات؟
الأهرامات هي أعجوبة هندسية وحتى وقتنا هذا لا توجد إجابة مُرضية تمامًا عن كيفية بنائها، ولكن تبقى الإجابة الأقرب والأكثر منطقية أنّ المصريين القُدامى استخدموا جسرًا مائلًا مُحاطًا بالطوب والرمل زاد ارتفاعه وطوله مع ارتفاع الهرم، ولرفع الحجارة إلى أعلى الهرم استعانوا بالبكرات والرافعات والزلاجات، وقام المصريون أيضًا بنقل الحجارة لموقع البناء بالاستعانة بالقوارب والزلاجات، ولتسهيل مهمة النقل حفر المصريون قنوات مائية توصل مباشرة لموقع الأهرامات، وبعد أنّ تنهي القوارب مُهمتها في نقل الحجارة تتولى الزلاجات إكمال المُهمة بنقل الحجارة لموقع البناء على مسارات مبنية من الإطارات الخشبية المليئة برقائق الحجر الجيري والمغطاة بالجبس، ومن ثم سحب الكتل الحجرية من خلالها، وكانت هذه الكتل مربوطة بحبال كبيرة مُلتفة حولها.
الأدوات والتقنيات المُستخدمة في بناء الأهرامات
استعان المصريون القدامى بالأدوات البسيطة لبناء الأهرامات، فعلى سبيل المثال استخدموا مواسير عامودية ومستويات مربعة ليتأكدوا من أن زوايا الكتل مربعة ذات أسطح متساوية، وكانت هذه الأدوات مصنوعة من الخيوط والخشب والحجارة خفيفة الوزن، أما عمال المحاجر فاستخدموا مناشير ومثاقب نحاسية لقص الأحجار واستعانوا بالأزاميل النحاسية لتنعيم جوانب الحجارة، وجميع هذه الأدوات وغيرها عُثر على آثارها في مواقع الأهرامات.
من بنى الأهرامات؟
يُصدق البعض الخرافات والأقاويل التي تتحدث عن أنّ الأهرامات لم تُبنى بالكامل بأيدي بشرية بل ساعد في بنائها الجن، وتقول خرافة أخرى إنّ هناك كائنات فضائية ساعدت في البناء، ولكن هذه الأقاويل ما هي إلا خرافات لا تُصدق، فالعقل والمنطق يؤكدان أنّ البشر هم من بنوا الأهرامات ولكن اختلف المؤرخون في أعداد العمال الذين ساهموا في عمليات التصميم والبناء، فيؤكد المؤرخ اليوناني هيرودوت أنّ عدد العاملين في بناء الأهرامات 100.000 عامل ولكن هذا الرقم لا يُصدق فلو افترضنا أنّ ما قاله هيرودوت صحيحًا فهذا يعني أنّ الجميع عمل في بناء الأهرامات ولم يكن هناك أشخاص عملوا في الزراعة ولم يُخصص أشخاص للعمل في الحقول للسيطرة على فيضان نهر النيل.
أما القول الأرجح والذي أكده علماء الآثار بحلول أواخر القرن العشرين هو إنّ القوة العاملة في بناء الأهرامات كانت محدودة ويُقدر عددهم بـ 20.000 عامل من بينهم أطباء وكهنة وخبازين، وكشفت الحفريات في محيط الأهرامات عن وجود عدد من المخابز والورش والمقابر الصغيرة المُخصصة للعمال والحرفيين.
من هم عمال الأهرامات؟
أما عن العمال الذين بنوا الأهرامات فلم يكونوا من العبيد كما كان يعتقد بعض المؤرخين، بل كانوا من العمال الأحرار ومما يدّل على ذلك وجود مقابر لهم حول الهرم فلو كانوا عبيدًا لما دُفنوا بالقرب من الملك، وكشف علماء الآثار أنّ المقابر تم تصنيفها حسب الدرجة الوظيفية فكان المستوى السفلي الذي يحتوي على مقابر صغيرة مُخصصًا للعمال ومقابر كبيرة للرؤساء وكبار العمال، أما المستوى الثاني والذي تم بناءه من الحجر فخُصص للرسامين والنحاتين.
ولكن هناك اختلاف فيما إذا كان هؤلاء العمال تقاضوا أجرًا مُقابل عملهم أم أنهم عملوا بالمجان، فالبعض يؤكد أن عمال الأهرامات تقاضوا أجرًا والدليل على ذلك هو أن الأهرامات مع مرور الوقت أصبحت أصغر تدريجيًا وهذا يدّل على تقلص الميزانية، بعبارة أخرى ساهمت الأموال التي دُفعت أجورًا للعمال لبناء الأهرامات في تدمير اقتصاد دول مصر القديمة، ولكن البعض يقول إنّ العمال لم يتقاضوا أجرًا مقابل عملهم لأنهم كانوا يعتقدون أنّ عملهم جزء من واجبهم تجاه ملوكهم وأجرهم الحقيقي هو دفنهم بالقرب من الفرعون.
أقدم هرم في مصر
في بداية عصر الأسرات قبل ما يقارب 2950 قبل الميلاد لم يكن بناء الأهرامات بالشكل الهندسي الذي نشاهده الآن، بل كانوا ينحتون المقابر لملوكهم في الصخور وتُغطى بهياكل مستطيلة الشكل ذات أسقف مستوية تُعرف باسم "المصاطب"، وهذا الوصف نجده في أقدم هرم في مصر بُنيّ في عام 2630 قبل الميلاد في سقارة وكان لملك فرعوني يُدعى زوسر، وتم العمل ببناءه منذ تولى الملك زوسر الحكم الذي استمر مدة 20 عامًا، وخلال هذه السنوات بُني الهرم من خلال تجميع ست طبقات متدرجة من الحجر بارتفاع 62 مترًا، وكان أطول مبنى في ذاك الوقت.
أهرامات الجيزة
ذكرنا أنّ الأهرامات في مصر كثيرة يفوق عددها 100 هرم، ولكن أبرزها الأهرامات الثلاث الكبرى الموجودة في مجمع أهرامات الجيزة والتي سنتحدث عنها فيما يلي:
- هرم خوفو: ويُعرف باسم الهرم الأكبر ويعود بناءه لما يقارب 2560 سنة قبل الميلاد واستغرق بناءه 20 عامًا، وتم بناءه لفرعون الأسرة الرابعة خوفو ويبلغ ارتفاعه 138.75 مترًا، وضخامة بناءه دليل على الاستقرار الاقتصادي والسياسي الذي شهدته مصر خلال حكم الأسرة الرابعة.
- هرم خفرع: وهو ثاني أكبر الأهرامات في الجيزة وتم بناؤه للملك خفرع ابن الملك خوفو وهو الملك الثالث للأسرة الرابعة، يبلغ ارتفاع الهرم 144.78 مترًا، وما يميزه هو محاذاة تمثال أبو الهول له والذي يُعدّ أشهر الهياكل في التاريخ المصري القديم.
- هرم منقرع: وهو الهرم الأصغر بين أهرامات الجيزة الثلاثة ويعود للملك منقرع ابن الملك خفرع، ويبلغ ارتفاعه الحقيقي 65.5 مترًا ولكن بعد إزالة الغلاف الخارجي له انخفض طوله ليصبح في وقتنا الحاضر 62 مترًا.