"لو كان العالم كله دولةً واحدة، لكانت إسطنبول عاصمته." – نابليون بونابرت الأول
مدينة إسطنبول هي أكبر مدن تركيا من حيث عدد السكان، وواحدة من أكبر مدن العالم، ويمتد تاريخها لـ 2500 سنة مضت، إذ إنها كانت عاصمة للإمبراطوريتين البيزنطية والعثمانية، وكان يطلق عليها قديمًا اسم بيزنطة القديمة أو القسطنطينية، وتُصنف على أنها الميناء البحري الرئيسي في تركيا، وتتميز بموقعها الفريد من نوعه بين قارتي أوروبا وآسيا، حيث تمثل جسرًا أو حاجزًا بين القارتين.
موقع إسطنبول
تمتد إسطنبول على مساحة 5343 كم2 بين أوروبا وآسيا، حيث إنها تقع على مضيق البسفور شمال غرب تركيا، وتعد المدينة جسرًا يربط بين القارتين، حيث يقع جزءها الغربي في قارة أوروبا، بينما يقع جزءها الشرقي في قارة آسيا، ويحدها من الجنوب بحر مرمرة ومن الشمال البحر الأسود، وتصنف المدينة بفضل موقعها الاستراتيجي الملهم بأنها واحدة من أفضل مدن العالم.
نبذة عن تاريخ إسطنبول
يرجع تاريخ مدينة إسطنبول إلى الألف الثاني قبل الميلاد، حيث استقر سكانها في هذا الوقت في الجزء الآسيوي من المدينة، وفي القرن السابع قبل الميلاد قام مستعمرو ميجارا بإنشاء مستعمرة فيها وأطلقوا عليها اسم بيزنطة، حيث قام الملك بيزاس باختيار هذا الموقع لروعته وجماله، وبحلول القرن السادس قبل الميلاد سيطر الفرس على المدينة، ثم أتى الإسكندر الأكبر بعد القرن الرابع قبل الميلاد وجعلها تحت سيطرته، وظلت المدينة تنعم بالسلام حتى القرن الثاني قبل الميلاد.
وفي عام 193م، قام الإمبراطوري الروماني سيفيروس بغزو إسطنبول وجعلها تحت الحكم الروماني، واستمرت على هذا الحال حتى القرن الرابع ميلاديًا. وغيّر الإمبراطور قسطنطين الكبير اسمها وأطلق عليها القسطنطينية، وجعلها عاصمة للإمبراطورية الرومانية، وظلت المدينة تكبر ويزداد عدد سكانها لا سيما بين القرنين الرابع والسادس الميلادي، حيث تجاوز عدد سكانها في هذا الوقت نصف مليون نسمة.
وبحلول عام 532م، دُمرت المدينة بسبب أعمال الشغب، وأعيد بناؤها مرة أخرى فيما بعد، وبداية من القرنين السابع والثامن كانت المدينة تحت حكم العرب المسلمين، ثم سيطر عليها البرابرة في القرنين التاسع والعاشر، وفي عام 1453م قام السلطان محمد الثاني بجعل المدينة تحت حكم الدولة العثمانية، وتم تغيير اسمها ليصبح إسلامبول، وأصبحت عاصمة للإمبراطورية العثمانية، وبنى السلاطين العثمانيون بين القرنين الخامس والسادس عشر العديد من المساجد والمباني فيها، وأصبحت المدينة بحلول منتصف القرن الخامس عشر الميلادي مركز ثقافي وسياسي وتجاري مهم.
واستمر الحكم العثماني حتى الحرب العالمية الأولى، حينما قامت قوات الحلفاء بالسيطرة على المدينة، وبعد سنوات من النضال استطاع مصطفى كمال أتاتورك استرداد تركيا من قوات الاحتلال، حيث ولدت حينها دولة تركيا عام 1923م، وأصبحت أنقرة هي العاصمة بدلًا من إسطنبول، لكن استمرت إسطنبول بالتوسع والازدهار، حيث يبلغ عدد سكانها الآن أكثر من 13 مليون نسمة، ولا تزال محتفظة بمركزها التجاري والثقافي لتركيا والعالم.
أهم الأماكن السياحية التي يمكن زيارتها في إسطنبول
هناك العديد من الأماكن الجميلة التي يجب زيارتها في إسطنبول، إذ إن هذه المدينة الساحرة تمتلئ بالمواقع التاريخية والطبيعية التي لا يجب تفويتها، ومن أجمل هذه الأماكن ما يأتي:
آيا صوفيا
آيا صوفيا من أشهر المباني لا في إسطنبول فحسب، بل في العالم كله، إنها تحفة فنية ومعمارية بنيت على الطراز الروماني، وكانت في البداية كاتدرائية أرثوذكسية شرقية، أمر ببنائها بين عامي 532 و537م الإمبراطور البيزنطي جستنيان، حتى أصبحت تحت الحكم العثماني الذي حولها إلى مسجد، وقد أغلق هذا المبنى عام 1931م حتى أعادت تركيا فتحه مرة أخرى متحفًا للزوار عام 1935م، وقد أعيد مرة أخرى مؤخرًا إلى مسجد.
المسجد الأزرق
بني المسجد الأزرق في بداية القرن السابع عشر، وهو مكان مميز للزيارة في إسطنبول، حيث يمكن للزائرين والسياح من جميع الأديان زيارة المسجد، عدا أوقات الصلاة الخمس، حيث يغلق المكان للصلاة، ويمكن للزوار الاستمتاع برؤية المبنى من الداخل ومشاهدة براعة التصميمات والنوافذ الزجاجية الملونة.
قصر توبكابي
قصر توبكابي واحد من أهم المعالم السياحية التي يجب زيارتها في إسطنبول، فبجانب تاريخه العريق الذي يمكن رؤيته في كل جزء فيه، يحتوي على العديد من المناظر الطبيعية الخلابة، ويُعدّ هذا القصر واحد من أكبر القصور في العالم، ويحتوي على مجموعة من المجوهرات والمخطوطات والكنوز والخزف وغيرها.
البازار الكبير
سيلبي هذا المكان كل رغبات محبي التسوق إذ يضم أكثر من 5000 متجرًا، لذا يصنف على أنه واحد من أكبر الأسواق الداخلية على مستوى العالم، ويتردد عليه أكثر من ربع مليون زائر يوميًا ويمكن شراء العديد من الأشياء منه، بداية من التوابل والسيراميك والسجاد حتى المجوهرات والتحف.
قصر دولما بهجة
قصر دولما بهجة واحد من أجمل القصور في تركيا، حيث بني هذا القصر في القرن التاسع عشر باستخدام أربعة عشر طن من أوراق الذهب، على الطراز العثماني الأوروبي، ويقع على طول ساحل البوسفور، وهذا ما يجعله مكان مميز جدًا للزيارة.
كنيسة خورا
قد تكون كنيسة خورا بعيدة إلى حد ما عن المخطط السياحي للزوار في إسطنبول، إلا أنها من أفضل الأماكن التي يمكن زيارتها ورؤية الفن البيزنطي فيها، ومشاهدة اللوحات الجدارية والفسيفساء وغيرها من المعالم الرائعة التي تعد واحدة من أجمل الأعمال التي لا تزال باقية من العمارة البيزنطية هناك، وقد بنيت هذه الكنيسة ديرًا في البداية، وبعد عدة قرون حُولت إلى مسجد، ثم أصبحت متحفًا عام 1948م.
برج جالاطة
يقع برج جالاطة في إسطنبول على ارتفاع 67 مترًا، ويوفر إطلالات خلابة على المدينة القديمة وما يحيط بها، ويعود تاريخ بناؤه إلى العصور الوسطى، وكان يعرف حينها باسم برج المسيح، وكان أطول مبنى في المدينة حين بني عام 1348م، ومر البرج بالعديد من التعديلات على مر التاريخ، حتى أنه استُخدم برجًا للمراقبة واكتشاف الحرائق في فترة من الفترات، وهو الآن مكان رائع للزيارة وتناول الطعام، حيث يحتوي على مقهى ومطعمًا وناديًا ليليًا.
ميدان تقسيم
يقع ميدان تقسيم الكبير الحيوي في قلب إسطنبول، ويحتوي على عدد كبير من المتاجر والمطاعم والفنادق والمباني التاريخية، لذا فهو واحد من أهم معالم الجذب السياحي في المدينة، ويضمّ الميدان مسجد تقسيم الكبير والعديد من المساحات الخضراء، ويقع على حدود مركز أتاتورك الثقافي، الذي يقام فيه العديد من المسرحيات وحفلات الأوبرا والحفلات الموسيقية.
حديقة غول خانة (جولهانة)
هذه الحديقة واحدة من أكبر وأجمل متنزهات إسطنبول، وهي مكان جذب سياحي كبير، وتقع الحديقة بجانب قصر توبكابي، وتوفر العديد من الإطلالات والمناظر الطبيعية الخلابة على مضيق البسفور، وتمتلئ بالمساحات الخضراء والزهور الجميلة ونوافير المياه والأشجار.