مدينة أنقرة، أو كما كانت تعرف سابقًا باسم أنجورا، هي عاصمة كل من تركيا ومقاطعة أنقرة، وثاني أكبر مدينة في البلاد بعد مدينة إسطنبول، وهذه المدينة من المدن التجارية والصناعية المهمة جدًا في تركيا، وهي مركز الحكومة وموطن لجميع السفارات الأجنبية في البلاد، وتعود هذه الأهمية لموقعها المميز والاستراتيجي في الأناضول.
موقع أنقرة
تقع مدينة أنقرة على بعد 450 كم من الجزء الجنوبي الشرقي لإسطنبول، في مركز الأناضول، تحديدًا على الحافة الشرقية لهضبة الأناضول، على تلة ترتفع بين 800 إلى 978 متر من مستوى سطح البحر، وهضبة الأناضول هي منطقة من مناطق شبه الجزيرة التركية تقع بين البحر الأبيض المتوسط ناحية الجنوب وبين بحر إيجة من الغرب والبحر الأسود من الشمال، ولأنها تقع في غرب آسيا، فهي تشكل الجزء الأكبر من النصف الآسيوي لتركيا.
تاريخ أنقرة
يمكننا تتبع تاريخ مدينة أنقرة إلى الحضارة الكيكلادية في العصر البرونزي، والتي كانت مسيطرة وناجحة في الألفية الثانية قبل الميلاد، وظلت المدينة تتنقل بين يد الحثيين في القرن العاشر قبل الميلاد، ثم الفريجيين فالليديين فالفرس، وقد توسعت المدينة بشكل ملحوظ في زمن جمهورية بنطس (بونتوس) اليونانية، حيث طوروها لتصبح مركز تجاري مهم لنقل البضائع بين موانئ البحر الأسود وأرمينيا وجورجيا وشبه جزيرة القرم من ناحية الشمال، وبين قبرص ولبنان وآشور من ناحية الجنوب، وصولًا إلى بلاد فارس من الشرق.
واستمر الفرس في سيطرتهم على أنقرة حتى هزمهم الإسكندر الأكبر المقدوني عام 333 ق.م، وبعد وفاته في بابل عام 323 ق.م أصبحت المدينة تحت سيطرة أنتيغونوس، ثم تعرضت أنقرة للاحتلال على يد شعب غالاتيا عام 278 ق.م، وهم أول من جعلوا من المدينة عاصمة لهم، وكان يطلق عليها في هذا الوقت اسم Ancyra أو (المرساة) باللغة اليونانية.
وبقدوم عام 189 ق.م، سقطت المدينة في يد الإمبراطورية الرومانية وأصبحت في عصرهم بوابة إلى روما، وحققت تطورات كبيرة، وزادت أهميتها العسكرية واللوجتسية، وظلت هكذا حتى نهاية القرن الحادي عشر، وبحلول عام 1073م قام السلطان ألب أرسلان بضم أنقرة للأراضي التركية، لكن استطاع الإمبراطور البيزنطي الاستيلاء عليها منه وظلت تحت حكم البيزنطيين حتى نهاية القرن الثاني عشر، وفي عام 1356م استطاعت الإمبراطورية العثمانية السيطرة على المدينة وضمها للأراضي العثمانية.
وبحلول عام 1919م، قام مصطفى كمال أتاتورك بتأسيس مقره الرئيسي لحركة المقاومة في المدينة، ثم أُعلنت إقامة جمهورية تركيا عام 1923م وحلت أنقرة محل إسطنبول وأصبحت عاصمة البلاد، وبعد ذلك قُسمت المدينة للقسم القديم الذي يضم المعالم العثمانية والرومانية وغيرها، والقسم الجديد وما يحتوي عليه من شوارع واسعة وفنادق ومسارح ومباني شاهقة ومراكز للتسوق وسفارات أجنبية وحكومات.
أشهر المعالم السياحية في أنقرة
تضمّ أنقرة العديد من المعالم السياحية التاريخية التي تجذب الزوار من كل مكان في العالم، وعلى الرغم من أن شهرة أنقرة السياحية أقل من شهرة إسطنبول، تمتلك المدينة الكثير لتقدمه للزوار والسياح، ومن أجمل معالمها السياحية ما يأتي:
متحف الحضارات الأناضولية
متحف الحضارات الأناضولية هو المكان الوحيد الذي يمكنه أن يشرح التاريخ البشري في الأناضول ما قبل العصر الكلاسيكي، ويحتوي على تماثيل ولوحات جدارية مميزة للغاية لا توجد في أي مكان في العالم يعود تاريخها للعصر الحجري الحديث، ويحتوي أيضًا على آثار فريدة من العصر البرونزي، مع نقوش بارزة ودقيقة لموقع كركميش.
ضريح أتاتورك
ضريح أتاتورك من أشهر معالم الجذب السياحي في أنقرة، ويقع الضريح الذي يخص مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة على قمة تل غرب وسط المدينة، وهو مصنوع من الرخام عالي الجودة، ويحيط به ساحة واسعة، ويضم مجموعة كبيرة من الآثار التي تعبر عن حرب الاستقلال التي قادها أتاتورك لتحرير تركيا، بالإضافة إلى أن الضريح مزين بنقوش ذهبية لأشهر خطب وأقوال أتاتورك، ويطل الضريح على مناظر رائعة على المدينة، وفي الداخل يوجد نصب تذكاري فوق المقبرة.
متحف إريمتان للآثار والفنون
يحتوي متحف إريمتان للآثار والفنون في أنقرة على مجموعات أثرية تعود في الغالب إلى العصر الكلاسيكي، وهي مكمل ممتاز للمجموعات التي يحتوي عليها المتحف الرئيسي للحضارات الأناضولية، وتوضح هذه المجموعات ملامح الفترتين اليونانية والرومانية، ويستضيف المكان معارض في القاعة السفلية بصورة منتظمة، والتي غالبًا ما تركز على مواقع أثرية بعينها أو تعرض ملامح الثقافة التركية، وفي المساء يستضيف المتحف حفلات موسيقية كلاسيكية أيضًا.
مسجد حاجي بيرم
بُني مسجد حاجي بيرم في القرن الخامس عشر تكريمًا لحاجي بيرم مؤسس الطريقة البيرامية (إحدى طرق الصوفية)، إذ يزوره السياح من كل مكان داخل تركيا وخارجها، للاستمتاع برؤية المعمار المميز، وما يحيط بالمسجد من حدائق وقصور ترجع إلى زمن الإمبراطورية العثمانية، وما تضمه الساحة الخاصة بالمسجد من بركة مياه ونوافير ومتاجر صغيرة لبيع المتعلقات الدينية، هذا بجانب الآثار المتبقية من معبد أوغسطس وروما.
خاتوشا
خاتوشا هي عاصمة الإمبراطورية الحثية التي كانت في الأناضول في العصر البرونزي، والتي تقع أطلالها الآن على حافة قرية بوغاز كول، على بعد 192 كم شرق أنقرة، حيث أن الحثيين في العصر البرونزي سيطروا على مساحة كبيرة من العالم من تركيا إلى سوريا، لذا تحتوي هذه المنطقة على بقايا مدينتهم المميزة، سواء بوابة أبو الهول التي تقع فوق التل بأسودها الحجرية الفريدة أو التل الترابي الذي يطلق عليه بوابة الأرض، والذي يحتوي على نفق بطول 70 متر، أو النقوش المنحوتة بوضوح على الصخور والتي تعرض صور الملوك الحثيين، وهم يقدمون القرابين للآلهة.
دار الأوبرا
تقام العديد من العروص المميزة في دار الأوبرا في أنقرة، سواء عروض الأوبرا أو الباليه أو الحفلات الموسيقية، لا سيما في الفترة بين شهري سبتمبر إلى يونيو، وتستضيف أيضًا العروض الموسيقية الكلاسيكية، وتُعدّ الموقع الرئيسي لإقامة المهرجانات المحلية في البلاد.