طرابزون (بالإنجليزية: Trabzon) هي إحدى المدن الرئيسية في تركيا وواحدة من أكبر المدن الواقعة شرق البحر الأسود، وتقع طرابزون شمال شرق البلاد على الشاطئ الجنوبي الشرقي للبحر الأسود، وتفصلها عن هضبة الأناضول الوسطى جبال بونتيك، وتمتد المدينة على مساحة 4.664 كيلو متر، ويسكنها ما يزيد عن 808 ألف نسمة بحسب إحصائية عام 2019م.
سبب التسمية
اختلف المؤرخون وكثرت الأقاويل حول أصل تسمية مدينة طرابزون فمنهم من قال إنها سُميت بذلك نسبةً لأحد أبطال القصص الخيالية اليونانية القديمة، بينما يقول آخرون إن اسم المدينة مُشتق من الكلمة اليونانية "ترايزيوس" وتعني الزوايا الأربع وهو القول الأرجح.
المناخ
تتميز طرابزون بمناخ ممطر طوال أشهر السنة بما في ذلك أشهر الصّيف الحارة، وتتمتع المدينة بمناخ شبه استوائي رطب، ويستمر الموسم الدافئ لمدة ثلاثة أشهر وهي الفترة ما بين 18 يونيو إلى 18 سبتمبر، وتسجل درجة الحرارة خلال هذه الفترة أعلى من 23 درجة مئوية، وتسجل الحرارة أعلى معدلاتها خلال العام في شهر أغسطس، حيث تبلغ متوسط الحرارة 27 درجة مئوية.
أما موسم الشتاء البارد يستمر لمدة ثلاثة أشهر من 6 ديسمبر إلى 31 مارس، ويكون متوسط درجة الحرارة خلال هذه الفترة أقل من 13 درجة مئوية، وأبرد شهر في السنة هو فبراير إذ تبلغ متوسط درجة الحرارة 5 مئوية.
وبناءً عليه فإننا ننصح الأشخاص الذين يرغبون بزيارة طرابزون أن يكون وقت الزيارة خلال الربيع أو الصيف أو الخريف، ومحاولة تجنب زيارتها خلال أشهر الشتاء بسبب درجات الحرارة المنخفضة وتساقط الأمطار والثلوج، وهذا ما قد يفسد متعة الرحلة.
تاريخ طرابزون
تأسست طرابزون سنة 756 ق.م من قبل المستعمرين اليونانيين وأطلقوا عليها اسم "ترابيزوس"، وكانت طرابزون حينها مركزًا تجاريًا رئيسيًا وميناءً مهمًا يقع على أحد أهم الطرق الرئيسية التي تربط أوروبا ببلاد فارس، ومن ثم وقعت المدينة تحت الحكم الروماني، وفي سنة 257م هاجم المدينة القوط وتمكنوا من السيطرة عليها بعد انتصارهم على الجيوش الرومانية بقيادة الإمبراطور فاليريان.
وبعد الحملة الصليبية الرابعة عام 1204م نهب الصليبيون القسطنطينية (إسطنبول في وقتنا الحاضر)، وعلى أثر ذلك هرب اثنان من أحفاد الإمبراطور البيزنطي أندرونيكوس الأول كومنينوس إلى مدينة طرابزون وفيها أسسوا فرعًا مستقلًا للإمبراطورية البيزنطية وازدهرت المدينة في تلك الفترة، وشكلا تحالفات واسعة مع رؤساء الدول والملوك والسلاطين مما زاد من قوة المدينة، وعُرفت حينها بتصدير النبيذ والحديد والفضة والقماش.
وفي عام 1461م أصبحت المدينة جزءً من ذالإمبراطورية العثمانية، وذلك في عهد السلطان العثماني بايزيد الثاني، وأصبحت طرابزون عاصمة ولاية طرابزون الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي من الإمبراطورية العثمانية، وبقيت طرابزون تحت الحكم العثماني باستثناء الفترة ما بين 1916م - 1918م حيث وقعت المدينة تحت سيطرة الدولة الروسية خلال الحرب العالمية الأولى، وخلال حكمهم للمدينة ألحقوا دمارًا هائلًا بممتلكاتها ومنعوا المسلمين من تأدية صلواتهم في المساجد وأرغموا سكانها من الأتراك على مغادرتها.
ولم تمر الحرب العالمية الأولى على طرابزون مرور الكرام بل على العكس تركت ورائها ندوبًا عميقة، إذ فقدت المدينة عددًا كبيرًا من سكانها المسلمين في معركة ساريقاميش عام 1914م، وفقدت سكانها من الأرمن في الإبادة الجماعية عام 1915م، وفي عام 1920م عادت المدينة تحت الحكم العثماني وبدأت تستعيد عافيتها اقتصاديًا وتجاريًا.
اقتصاد طرابزون
يستمد اقتصاد طرابزون قوته من مينائها البحري الذي يعد الأهم في البلاد، وإضافة لذلك ساهمت عدة قطاعات بإنعاش اقتصاد المدينة، أهمها القطاع الزراعي إذ تشكل نسبة الأراضي الزراعية في المدينة 22.3%، يتم زراعتها بعدة أنواع من الخضروات من أبرزها: الفاصوليا الخضراء والسلق واليقطين والملفوف الأحمر، وتحتل المدينة المرتبة الأولى بين المحافظات التركية في إنتاج البطاطس والذرة والبنجر، وتشتهر طرابزون أيضًا بإنتاج البندق والشاي.
وللقطاع الحيواني دور مهم في دعم اقتصاد المدينة إذ تتميز طرابزون بثروتها السمكية إذ يُعدّ صيد الأسماك مصدر دخل للكثير من سكان المدينة، وتستحوذ طرابزون على ما نسبته 20% من إجمالي إنتاج الأسماك في تركيا، وكشفت الإحصائيات عن وجود 10.000 رأس من الماعز و200.000 رأس من جاموس الماء و175.000 من الأغنام و300.000 رأس من الدواجن في المدينة،و تنتج سنويًا 170.000 طن من الحليب و30 مليون بيضة و4.000 طن من اللحوم، بالإضافة لذلك بلغ إنتاج المدينة السنوي من العسل 1.000 طن.
وطرابزون إحدى المدن التركية التي لديها رواسب معدنية من أهمها: الرصاص والنحاس والمنغنيز والزنك والموليبدينوم، أما فيما يتعلق بالصناعة فينتشر في المدينة عدد من مصانع الأغذية والمشروبات التي تعمل أغلبها على منتجات الشاي والبندق والأسماك.
ومدينة جميلة ذات تاريخ عريق كطرابزون لا بد من أنّ تكون السياحة أحد روافد اقتصادها، إذ شهدت المدينة خلال العشر سنوات الماضية حركة سياحية نشطة وغير مسبوقة.
أفضل الوجهات السياحية في طرابزون
يشبه الكثير من الأشخاص مدينة طرابزون بالمغناطيس الذي يجذب السياح من جميع أنحاء العالم، فالسياحة في طرابزون لها متعة خاصة ونكهة سياحية مميزة، وفيما يلي سنتعرف على أجمل الوجهات السياحية التي لا يمكن تخطيها عند زيارة مدينة طرابزون:
- بحيرة أوزنجول: تقع بحيرة أوزنجول على بعد 90 كم من وسط مدينة طرابزون وتحيط بها الجبال الخضراء من كافة الجهات وتتميز البحيرة بأناقة غير عادية وسحر وجمال مميزين، وفي فصل الشتاء تكتسي البحيرة وما حولها بالثلج مما يضيف إليها جمالًا استثنائيًا.
- قلعة طرابزون: يعود تاريخها للعصر البيزنطي، وتعد من أجمل القلاع في طرابزون، وتتكون القلعة من ثلاثة أقسام وهي: القلعة العليا والقلعة المركزية والقلعة السفلى، وتحيط بها المساحات الخضراء من جميع الاتجاهات.
- قصر أتاتورك: بُني القصر في عام 1903م على يد المهندس المعماري اليوناني قسطنطين، وسُميّ القصر بهذا الاسم نسبةً لمصطفى كمال أتاتورك (مؤسس تركيا الحديثة)، ويتميز القصر بمبانى جميلة وحدائق خضراء خلابة، وفي بداية القرن العشرين تم تحويل القصر لمتحف.
- كهف كال: واحد من أجمل الأماكن السياحية في طرابزون وثاني أطول كهف في العالم، يتميز الكهف بصخور الحجر الجيري وشلاله الرائع، بالإضافة لعدد من البحيرات التي تشكلت على مدى ملايين السنين، ويضم الكهف عددًا من الممرات المائية التي تضفي عليه جمالًا إضافيًا.
- مرتفعات حيدر النبي: تبعد المرتفعات عن وسط مدينة طرابزون مسافة 55 كم وترتفع عن سطح البحر بمسافة 1600 متر، وتحيط بها الينابيع والبحيرات، وتشتهر بمناظرها الساحرة من الغيوم والضباب.
- ميدان طرابزون أو ميدان أتاتورك كما يسميه البعض: يقع الميدان وسط مدينة طرابزون ويضم عددًا من المطاعم والفنادق والمقاهي بالإضافة لعدد من المراكز الحكومية والمستشفيات، ويضم الميدان أيضًا عدد كبير من المحال التجارية ومحال الماركات التركية والعالمية، لذلك يعد الميدان من الوجهات المفضلة لمُحبي التسوق.