نجم الدين أربكان هو مهندس وسياسي تركي، تولى رئاسة حزب الرفاه ورئاسة وزراء تركيا بين عامي 1996 و1997، وعُرف عنه توجهاته الإسلامية التي وضعت العقبات في طريق مشواره السياسي باستمرار.
السيرة الذاتية
ولد نجم الدين أربكان في سينوب في 20 أكتوبر 1926، وهو ابن نائب سينوب القاضي محمد صبري والسيدة كامير؛ والده محمد صبري بك من نسل كوزان أوغلاري من السلاجقة الأتراك الذين حكموا منطقتي سيمبيلي وكوزان في أضنة لمدة طويلة، أما والدته فتنتمي إلى إحدى عائلات سينوب المعروفة، وبعد تخرج نجم الدين من ثانوية إسطنبول للبنين في عام 1943 بالمرتبة الأولى فضّل إجراء اختبار للدخول إلى الجامعة على الرغم من أنه نال هذا الحق من دون اختبار، وعندما نجح في تجاوز هذا الاختبار بدأ تعليمه الجامعي ودرس في كلية الهندسة الميكانيكية وتخرج من كليته بتقدير ممتاز.
العمل والسفر إلى ألمانيا
وبعد التخرج، بدأ العمل مساعدًا في كرسي المحركات بكلية الآلات في نفس عام تخرجه (1948)، وفي عام 1951 أرسله الاتحاد الدولي للاتصالات إلى ألمانيا لزيادة مهاراته وخبرته، وفي أثناء إقامته في ألمانيا عمل مع البروفيسور شيميت في مركز أبحاث مختص بإجراء أبحاث للجيش الألماني. وبدأ نجم الدين أربكان منذ وصوله بتقديم أطروحة الدكتوراة في الجامعات الألمانية، وحصل عليها بالفعل، وعاد إلى بلاده في عام 1953، وهو أول عالم تركي يتخرج من الجامعات الألمانية.
صناعة أول سيارة تركية
قدّم نجم الدين أربكان الفكرة الأولى لصناعة السيارات في تركيا، وبالفعل أُنتج أول محرك محلي في تركيا في عام 1960، حيث عقد مؤتمر الصناعة في أنقرة اجتماع عرض فيه نجم الدين تصنيعه لمحرك سيارات، وبالفعل تمّ تبني هذه الفكرة وإنتاج أول سيارة محلية الصنع، وفي عام 1965 أصبح نجم الدين أستاذ جامعي وتزوج من نرمين أربكان في عام 1967، وانتُخب بعد ذلك أمين عام لاتحاد الغرف والبورصات.
الأنشطة السياسية
انتُخب نجم الدين أربكان نائب مستقل في عام 1969 وشكّل حزب إسلامي في العام الذي يليه، ولكن حظرته الحكومة العسكرية في عام 1971، وأعاد نجم الدين تشكيل الحزب في عام 1972، ثمّ تولى منصب نائب رئيس الوزراء مرتين في السبعينيات، وبحلول عام 1980 حظر الجيش الحزب من جديد، واعتُقل نجم الدين لمدة قصيرة ومُنع من ممارسة الأنشطة السياسية حتى عام 1987، وعاد بعدها أربكان إلى السياسة زعيمًا للموالين الإسلاميين وتولى رئاسة حزب الرفاه الذي لاقى معارضة واسعة، وفي خلال الفترة التي سبقت إجراء الانتخابات البرلمانية في عام 1995 دعا نجم الدين إلى إلغاء الاتفاقيات مع إسرائيل، وانسحاب تركيا من منظمة حلف شمال الأطلسي، وتوثيق العلاقات مع دول الشرق الأوسط مثل إيران وسوريا، وكانت هذه التصريحات غير مرحّب بها من قِبل القادة الغربيين، الذين عهدوا تركيا دولة علمانية صديقة، وبالرغم من ذلك لاقت آراء نجم الدين دعم شعبي واسع، لذلك فاز حزب الرفاه بأكبر عدد من المقاعد النيابية، حيث نال 158 مقعد من أصل 550 مقعد في المجلس التشريعي، وأصبح أول حزب إسلامي يفوز بانتخابات عامة في البلاد.
منصب رئاسة الوزراء
أصبح نجم الدين أربكان رئيس وزراء حكومة ائتلافية في عام 1996 بالتناوب مع شيلر دوغرو يول بارتيسي (حزب الطريق الصحيح)، وحاول في هذه المرحلة تعزيز علاقة تركيا مع البلاد العربية واتباع سياسة الرفاه الاقتصادي، والتي تقوم على زيادة رفاهية المواطن التركي. ولتنفيذ النهج السياسي المتضمن تحسين العلاقات مع الدول المجاورة، ذهب نجم الدين أربكان في جولة دولية زار خلالها مصر وليبيا ونيجيريا، ولاقى انتقادات واسعة على إثر موقفه السلبي من توبيخ الرئيس الليبي معمر القذافي نتيجة للعلاقة السياسية الوثيقة بين تركيا وإسرائيل، وانتقد القذافي سياسة تركيا القمعية تجاه الأكراد في مؤتمر صحفي مشترك، ممّا سبّب إحراج حقيقي لرئيس الوزراء التركي أربكان ووضعه في موقف ضعيف أمام الجيش التركي، وازدادت بعد ذلك التحذيرات العلنية لحكومته، مما دفعه للتخلي عن منصب رئاسة الوزراء في عام 1997، وتعرض بعد ذلك نجم الدين أربكان إلى الاعتقال ولكن تمّ الإفراج عنه نتيجة تدهور حالته الصحية.
الوفاة
دخل نجم الدين أربكان إلى المستشفى في 19 يناير 2011 بسبب التهاب الأوعية الدموية المتكرر، ونُقل إلى وحدة العناية المركزة وتلقى العلاجات المناسبة وخرج بعد فترة قصيرة، ولكنه تعرض بعد مدة وجيزة إلى قصور في القلب والجهاز التنفسي أفقده وعيه وأدخله في غيبوبة نتيجة فشل العديد من أعضاء جسمه، ليعلن الأطباء عن وفاته في 27 فبراير 2011، وبناءً على طلب نجم الدين لم تُقم له مراسم دفن رسمية، وأُحضرت جثته إلى إسطنبول ودفن بعد أداء صلاة الجنازة عليه في مقبرة مركيزفندي، وقد حضر الجنازة الرئيس التركي ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان وعدد كبير من الرؤساء العاملين والنواب وأفراد من ضباط الجيش التركي وأعضاء الحزب وعدد كبير آخر من الشخصيات البارزة وممثلين عن 60 دولة وأكثر من مليوني شخص.