الأزمة المغربية الثانية (بالإنجليزية: Second Moroccan Crisis)، وتسمى كذلك أزمة أكادير (بالإنجليزية: Agadir Crisis )، هي أزمة عالمية جاءت نتيجة النزاعات الفرنسية الألمانية على الأراضي المغربية، وهي امتداد للأزمة المغربية الأولى وانتهت بحصول ألمانيا على جزء من أراضي الكونغو مقابل عدم مطالبتها بالمغرب.

ما قبل أزمة أكادير

بعد مرور ست سنوات من الأزمة المغربية الأولى، والتي بدأت شرارتها بزيارة القيصر الألماني فيلهلم إلى المغرب، وعمّ على إثر الأزمة غضب عالمي، وفي النهاية أدت إلى توطيد العلاقات الفرنسية البريطانية ضد ألمانيا، بدأت بوادر الأزمة المغربية الثانية أو كما تسمى بأزمة أكادير من خلال نشر الجيش الفرنسي قواته في مدينة فاس المغربية تمهيدًا لاحتلالها في 21 مايو 1911م، ممّا أثار الغضب الألماني بشدة، حيث ادعت الحكومة الفرنسية أنّ القبائل المغربية المتمردة نظمت انتفاضة وشيكة، وهذا من شأنه تعريض عاصمة البلاد فاس للتهديد، واستجابةً لطلب سلطان المغرب من فرنسا المساعدة في إرساء الأمن، أرسل الفرنسيون قواتهم إلى فاس للاستيلاء عليها، ولكن ألمانيا لم تقتنع بالذرائع الفرنسية واعتقدت أنّ الفرنسيين هم الذين صنعوا التمرد القبلي لإيجاد حجة لاحتلال الأراضي المغربية.

التمرد المغربي

بدأت الأزمة المغربية الثانية في أبريل 1911م عندما نظمت القبائل المغربية تمرد ضد السلطان المغربي عبد الحفيظ، حيث بدأ التمرد على السلطان بعد اتهامات وُجّهت للسلطات المغربية بالتعذيب وارتكاب الكثير من الأعمال الفظيعة ضد الشعب المغربي، ونجحت الانتفاضة للغاية في البداية، حيث تمكن المتمردون من محاصرة قصر السلطان عبد الحفيظ في مدينة فاس شمال البلاد، ونظرًا لأطماع فرنسا بالغرب أرسلت قواتها لمدينة فاس لفرض سيطرتها على المنطقة، وهو ما أثار غضب ألمانيا، التي شعرت بالاستياء من التقدم الفرنسي المتزايد في الأراضي الإفريقية.

رد الفعل الألماني

ردًا على الأطماع الفرنسية في المغرب ومجاراة للأحداث الحاصلة، أرسلت ألمانيا زورق حربي يسمى النمر إلى أكادير في 1 يونيو 1911م، وكانت الحجة الظاهرة لهذا التحرك هو طلب الشركات الألمانية في أكادير حمايتها في حال حصول توترات أمنية في البلاد، ولكن نظرًا لعدم وجود رعايا ألمان في أكادير وأنّ الميناء لم يكن مفتوح أمام الأوروبيين، كان من الواضح أنّ الدافع الحقيقي هو إنشاء قاعدة بحرية ألمانية في المغرب واستعراض القوة الألمانية ومنع المزيد من التقدم الفرنسي في الأراضي المغربية ما لم يتم التوصل إلى تسوية نهائية للقضية، ومن وجهة نظر أخرى يُعتقد أنّ ألمانيا كانت تأمل في زعزعة علاقات الوفاق الثلاثي (الروسي الفرنسي البريطاني)، بجانب أنّها كانت تتوقع أن تنجح في فرض سيطرتها على جزء من المغرب، معتمدة على الضعف العسكري التي كانت تمر به فرنسا آنذاك والتوترات الحاصلة في إنجلترا نتيجة النزاعات على مجلس اللوردات، ممّا قد يمنع معارضة جادة لمساعيها في المغرب.

المفاوضات

كانت نتائج الأزمة المغربية الثانية مشابهة لنتائج الأزمة المغربية الأولى، حيث عُقد مؤتمر آخر من أجل الوصول إلى تسوية تُنهي الصراع الفرنسي الألماني القائم، لذلك عُقد مؤتمر من أجل تفاوض جميع أطراف النزاع، وانتهى المؤتمر في 4 نوفمبر 1911م، وتوصلت من خلاله ألمانيا وفرنسا على اتفاق يقتضي بموجبه عدم السماح لفرنسا بمواصلة أنشطتها في المغرب دون الرجوع إلى ألمانيا إلا إذا منحت فرنسا لألمانيا تعويض، ونتيجة لذلك تنازلت فرنسا لألمانيا عن أجزاء من الكونغو الفرنسية في إفريقيا، وفي النهاية كانت فرنسا هي الطرف الذي خرج فائز من الصفقة، حيث حصلت ألمانيا على أرض تنتشر فيها الأمراض ولا يريدها أحد، في المقابل حصلت فرنسا على الحق الكامل للاستيلاء على المغرب، وكانت الأزمة المغربية الثانية مقدمة لاندلاع الحرب العالمية الأولى.

نتائج الأزمة المغربية الثانية

بعد انتهاء الأزمة المغربية الثانية دخلت فرنسا إلى الأراضي المغربية وأعلنتها محمية فرنسية في 30 مارس 1912م، وأنهت بذلك الاستقلال الرسمي للبلاد تمامًا، وبدلًا من ضرب العلاقات البريطانية الفرنسية ازداد الوفاق البريطاني الفرنسي أكثر وأصبحت فرنسا أكثر قربًا من بريطانيا، وعزز الدعم البريطاني لفرنسا خلال الأزمة التحالف الروسي البريطاني، ممّا أدى إلى توتر العلاقات الألمانية البريطانية، وعمّق الخلاف الذي بلغ ذروته في الحرب العالمية الأولى، ودفعت الأزمة فرنسا وبريطانيا إلى عقد اتفاق بحري وعدت البحرية الملكية البريطانية بموجبه فرنسا بحماية الساحل الشمالي تحسبًا لأي هجوم ألماني، بينما تعهدت فرنسا بحماية أسطولها للمصالح البريطانية غرب البحر المتوسط.

6 حقائق رئيسية حول الأزمة المغربية الثانية

من أبرز الحقائق الرئيسية حول الأزمة المغربية الثانية ما يلي:

  • الدول المشاركة في الأزمة المغربية الثانية

شاركت إسبانيا في أحداث الأزمة المغربية الثانية، حيث أرسلت قواتها إلى فاس لدعم القوات الفرنسية، بناءً على مناشدة السلطان المغربي.

  • امتداد الأزمة المغربية إلى مدينة فاس

كانت الأزمة المغربية الثانية تتركز على مدينة فاس في شمال المغرب، ولكنها امتدت إلى ميناء أكادير بعد إرسال ألمانيا زورقها الحربي إلى هناك.

  • المعاهدة التي أنهت الأزمة المغربية الثانية

يُطلق على الاتفاق الذي تمّ من خلاله إنهاء النزاعات الألمانية الفرنسية في نوفمبر 1911م معاهدة فاس.

  • الرد الفرنسي على إرسال الزورق الألماني

رد الفرنسيون على إرسال ألمانيا زورقها الحربي إلى مدينة فاس بإرسال المزيد من القوات إلى المغرب، على الرغم من محاولة بريطانيا إقناع فرنسا بعدم فعل ذلك، إلا أنّ التهديدات الألمانية فرضت اتخاذ هذا الإجراء.

  • سبب قبول ألمانيا بتسوية عاجلة

وافقت ألمانيا على قبول تسوية عاجلة للأزمة بعد تعرض البلاد لأزمة مالية، فلم تتمكن من التعامل مع الحدثين في الوقت ذاته، لذلك سحب الألمان سفينتهم الحربية ووافقوا على التسوية وغادروا المغرب.

  • ضعف الوفاق الثلاثي

ردًا على عدم دعم إيطاليا لألمانيا خلال الأزمة المغربية الثانية، أضعف ذلك الحلف الثلاثي (الألماني الإيطالي النمساوي) وأفقد ثقة الدول الأوروبية ببعضها عمومًا.