الهنود الحمر هو الاسم الذي يطلق على الأمريكيين القدماء أو شعوب أمريكا الأصلية، وهم العرقيات السكانية للأمريكتين في العصر قبل الكولومبي والسلالات التي تنحدر منهم في أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى وأمريكا الشمالية ومنطقة الكاريبي، ويطلق عليهم في كندا اسم الأمم الأولى، وتميزت هذه الشعوب بتقدمها على المستوى الزراعي والهندسي والمعماري، وهذا ما يظهر في دولتهم التي أقاموها بهندسة معمارية ضخمة ومدن على مستوٍ عالٍ من التنظيم، بالإضافة إلى أن تقدمهم الزراعي أثر بشكل إيجابي على الزراعة في كل أنحاء العالم، لا سيما سكان حوض الأمازون الذين مازالوا يمارسون الزراعة والاستزراع المائي حتى الآن، وبينما نجد بعض الهنود الحمر اعتمدوا بشكل كامل على الزراعة، نجد البعض الآخر كان يعتمد على الزراعة والصيد والعمارة في نفس الوقت، وهذا ما جعلهم ينجحون في إقامة دول ومدن وممالك وإمبراطوريات كبيرة، على رأسها الأزتك والإنكا والمايا وغيرهم.

سبب تسمية الهنود الحمر بهذا الاسم

إن السبب وراء تسمية الشعوب الأصلية للأمريكتين بالهنود جاء بسبب اعتقاد خاطئ من كريستوفر كولومبوس الذي ظن أنه وصل إلى جزر الهند الشرقية حينما نجح في اكتشاف العالم الجديد، فأطلق على سكان المكان اسم الهنود ظنًا منه أنه في الهند، وفيما بعد أُطلق عليهم اسم الهنود الحمر لكي يتم تمييزهم عن الهنود الآسيويين، ولا تزال هذه التسمية الخاطئة موجودة حتى الآن.

تاريخ الهنود الحمر وحضارتهم

لا تزال التفاصيل الدقيقة لهجرة الهنود الحمر القدماء للأمريكتين غير دقيقة بنسبة مائة بالمائة، لكن يقال إنهم قد يكونون وصلوا إليها عن طريق أوراسيا من خلال جسر بيرنجيا الذي كان يربط بين آلاسكا وسيبيريا فيما يعرف الآن بمضيق بيرنغ، وهذا قبل 16500 إلى 40000 سنة تقريبًا، ويقال أيضًا إنهم ربما يكونون قد وصلوا لهناك إما سيرًا على الأقدام أو من خلال استخدام قوارب بدائية بسيطة، وانتشروا في الأمريكتين واستوطنوها وأسسوا مئات القبائل والأمم مختلفة الثقافات، وكانت الأمريكتان قبل كولومبوس مأهولة بهذه الجماعات القبلية الموزعة أسفل القارتين الشمالية والجنوبية وأعلاها، مع العديد من الثقافات الفردية المتنوعة.

ويمكن تقسيم حضارة أمريكا الشمالية وشمال المكسيك إلى: حضارة جنوب شرق وحضارة شمال شرق وحضارة جنوب غرب وحضارة كاليفورنيا والحوض الكبير، وكان الهنود الحمر شمال أمريكا يؤمنون أنهم جزء من العالم الروحي والطبيعي، لذا كانت أعيادهم دائمًا ما ترتبط بموسم الحصاد والزراعة، وكانوا يشتهرون بالرسم والتلوين على الرمال، وكانت نساء قبائل بيبلو هناك يصنعون الفخار من الطمي الملون ويزخرفونه بالزخارف الهندسية الجذابة، وكذلك اشتهر الهنود الحمر في جنوب غرب بصنع السلال، أما سكان كاليفورنيا الأصليين فاشتهروا بصنع الأعمال الحجرية والمشغولات من قرون الحيوانات والأصداف والخشب والسيراميك، ونسجوا الملابس من الأعشاب ولحاء الأشجار، وصنعوا الأواني والحصر.

وكان الهنود الحمر يقدرون الجاموس الوحشي كثيرًا لأنهم يصنعون من جلوده السروج والخيام والملابس والقوارب، وكانوا يستخدمون عظامه لصنع السهام والرماح والحراب والخناجر وإبر الخياطة، ويستخدمون قرونه لصنع الأبواق والأكواب، وحوافره لصنع الغراء، وعرفوا صناعة الآلات من النحاس عن طريق الطرق عليه، لكنهم لم يتوصلوا لطريقة صهره، وفي العموم يمكننا القول إن حضارة الهنود الحمر لم تكن تسير بإيقاع سريع كما كان يحدث في باقي العالم، حيث كان الأمريكيون الأصليون يعيشون على جمع الثمار وصيد السمك والزراعة، وكانوا يتبعون ثقافة ولغة خاصة بهم مستمدة من حضارة المايا.

دين الهنود الحمر

آمن الهنود الحمر بثلاث عشرة أسطورة اتخذوها مثل كتاب مقدس لهم، وهذه الأساطير تدور حول قدوم الآلهة البيضاء من الشرق عابرة أمواج المحيط لتخلصهم من كل الخطايا والشرور، ولهذا كانوا يقومون بجمع قطع الذهب والمعادن الأخرى النفيسة لتقديمها قرابين للآلهة المقدسة عند ظهورها، ويمكننا تقسيم الهنود الحمر من حيث الدين إلى وثنيين ومسيحيين، حيث انتشرت المسيحية بينهم بسبب حركات التبشير التي حدثت بعد اختلاطهم بالمستوطنين الأمريكيين البيض.

هل انقرض الهنود الحمر؟

حينما تم اكتشاف العالم الجديد، كانت أول مجموعة أصلية يلتقيها كولومبوس عند وصوله هي قبيلة التاينو في هيسبانيولا، وكان تعدادهم في هذا الوقت حوالي 250 ألف نسمة، وكانت حضارتهم هي الحضارة السائدة بجزر الأنتيل الكبرى والبهاما، لكن 70 بالمائة من هذا الشعب توفى في غضون 30 عام، بسبب تعرضهم للأمراض الأوروبية الفتاكة كالجدري والحصبة، بجانب أن هذا الشعب كان مجبور على العمل الشاق من قبل الإسبان، لذا مال العديد منهم للانتحار، ويقال إن تناقص عدد الهنود الحمر كان بسبب الأوبئة والصراعات التي خاضوها مع الأوروبيين والإسبان، حيث يقول العلماء إن 90 إلى 95 بالمائة من الهنود الحمر توفوا بسبب الأمراض التي جلبها الأوروبيون والأفارقة للأمريكتين.

وكان الجدري أول الأمراض الفتاكة ظهورًا في العالم الجديد، حيث أنه قضى إلى جانب التيفوس والإنفلونزا والحصبة على حضارة الإنكا، وقتل الجدري ملايين الهنود الحمر في المكسيك وظل يفتك بها لأكثر من 10 سنوات، وقتل فيها حوالي 150 ألف نسمة، ومع وصول المرض إلى الهنود الحمر في بلايموث (ولاية ماساتشوستس الآن) أدى إلى انقراضهم بالكامل، ووصل الجدري إلى أراضي الإيروكواس عام 1679م وأونتاريو عام 1836م، وبحلول القرن الثامن عشر تمكن المرض من الفتك بما لا يقل عن 30 % من الهنود الحمر في الساحل الغربي للولايات المتحدة، وتسبب المرض أيضًا في تناقص أعداد الهنود الحمر في منطقة السهول بشدة في الفترة بين 1780م و1782 وفي الفترة بين 1837م و1838م، وفي البرازيل قلّ عدد الهنود الحمر من 3 مليون نسمة إلى 300 ألف نسمة فقط عام 1997م.

أما الآن فلا يزال الهنود الحمر منتشرين في العديد من الأماكن على رأسها الولايات المتحدة وبوليفيا وبيرو والمكسيك وغواتيمالا وكولومبيا والإكوادور، حيث يبلغ عددهم في الولايات المتحدة وحدها حوالي 4.1 مليون نسمة، وهم يمثلون 1.5% من إجمالي عدد السكان هناك، مقسمين إلى 556 قبيلة معترف بها فيدراليًا.