اللهجة هي جرس الكلام وأسلوب اللفظ وصفة التعبير عن حالات نفسية وعن مضمون الكلام وطريقته أو هي لغة الإنسان التي جُبِل عليها واعتادها ومجموعة النبرات التي تميز لغة بلد أو محيط معين، وهي جزء من اللغة أو نسخة محكية عن اللغة القياسية، حيث تتألف اللغة الواحدة من عدة لهجات لا تميل كثيرًا إلى اتباع القواعد اللغوية والنحوية، ولا تُكتب اللهجة أو تدخل في نظم التعليم بسبب خلوها من القواعد.

وأيضًا، تُعرف اللهجة في علم اللغة بأنها مجموعة من الصفات اللغوية التي تنتمي إلى بيئة خاصة ويشترك فيها جميع أفراد هذه البيئة، وهي لغة تواصل ناطقيها مع غيرهم من ناطقي اللهجات الأخرى في بيئات أخرى بقدر ما ترتبط تلك اللهجات ببعضها البعض.

ما الفرق بين اللهجة واللغة؟

تختلف اللغة عن اللهجة بأنها قياسية أو معيارية وأن اللغة هي المتفق عليها بين ناطقيها وتُدرس في المدارس ويفهمها الناطقون بلهجاتها جيدًا، بينما اللهجة تخصّ فئة معينة بغض النظر عن عدد أفرادها وتختلف في طريقة نطق كلماتها أو حتى حروفها، فمثلًا يختلف حرف القاف في لهجات اللغة العربية حيث يُنطق (آ) في مدن مثل دمشق والقاهرة بينما ينطق كما تنطق الجيم المصرية في منطقة الخليج العربي وفي صعيد مصر، وأيضًا تحذف اللهجات في منطقة الخليج العربي حرف الجيم (فيُنطق لفظ الرجال ريّال)، لكن هذا ليس السائد في المدارس والمراسلات والخطابات الرسمية حيث تُستخدم اللغة الفصحى.

لكل لغة لهجات وليس لكل لهجة لغات

لكل لغات العالم عدة لهجات تزداد بازدياد رقعة استخدام اللغة واتساعها واستعدادها، فعلى سبيل المثال، توجد لغة عربية واحدة مع عدة لهجات تختلف باختلاف المكان واتساع الرقعة، وكذلك اللغة الإنجليزية التي تختلف لهجاتها في بريطانيا عن تلك الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وغيرها من الدول الناطقة بالإنجليزية.

ومن المثير أن تجد أن البلد الواحد أو الحدود الواحدة ليست مقياسًا لتوحيد اللهجة في هذا البلد أو ضمن تلك الحدود، فربما تجد بلدًا واحدًا يتحدث سكانه أكثر من لهجة لذات اللغة، مثل اللهجات في مصر حيث يتحدث سكان القاهرة لهجة مختلفة عن سكان الصعيد أو سكان الشمال أو الشرق أو الغرب، وكذلك في سوريا، فسكان منطقة الشام يتحدثون بلهجة مختلفة عن سكان حمص أو حلب أو السويداء.

أهم مميزات اللهجة

تتمتع اللهجة بعدة مميزات، منها:

الخصوصية

تتميز اللهجة بالخصوصية لأنها تمّيز فئة أقل عددًا من الناطقين بلغة واحدة، حيث يمكن للناطقين باللغة العربية فهم بعضهم البعض، ولكنهم لن يتمكنوا من فهم الناطقين باللغات الأخرى إذا لم يتعلموا تلك اللغات، بينما يمكن للناطقين بلهجة ما باللغة العربية فهم غيرهم من الناطقين بلهجات أخرى باللغة العربية دون الحاجة إلى تعليم أو دراسة قواعد معينة حيث تُعدّ اللهجة الشكل البسيط من اللغة وقواعدها ولا تفرض قيود معينة على الناطقين بها ويمكن أيضًا استغلال مرونتها وتطويعها في مصطلحات جديدة باستمرار.

القابلية للتأثر

تتميز اللهجة بأنها أكثر قابلية للتأثر بلغاتٍ أخرى، مثل تأثر لهجاتٍ مثل الجزائرية والتونسية والمغربية باللغة الفرنسية نتيجة الاستعمار الفرنسي الذي دام طويلًا في تلك البلدان، ورغم ذلك لا يزال المواطنون في تلك البلدان قادرين على الحديث باللغة العربية رغم صعوبة تواصلهم مع بلدان المشرق العربي بسبب اختلاف اللهجة.

التناسبية

لا يوجد معيار أو قواعد ثابتة للهجات، فتختلف كل لهجة باختلاف ناطقيها أو مستخدميها في مكان ما، ويشمل هذا الاختلاف تغيير نطق الحروف أو الكلمات أو أيضًا إيجاد مصطلحات جديدة غير موجودة في اللغة الأصلية أو تبديل بعض المعاني ومفاهيم الكلمات في اللغة الأصلية نتيجة استعمال الكلمة في غير موضعها الأصلي، فعلى سبيل المثال، تعني كلمة "شاطر" المكار والخبيث في اللغة العربية الفصحى بينما تعني في اللهجة المصرية وأغلب اللهجات الشامية الطفل المجتهد في دراسته أو من يقوم بعمل جيد، وكذلك كلمة "فوت" المستقاة من اللغة العربية الفصحى من الفعل فات الشئ أي تركه، تعني في لهجة بلاد الشام "ادخل" بينما تُستخدم بمعناها الفصيح في اللهجة السودانية.

سهولة الاختراق

من المعروف أن اللغة أكثر استقرارًا من اللهجة رغم إمكانية تأثرها بتيارات معينة وتطورها بإضافة ألفاظ جديدة، لكن اللهجة أقل في الاستقرار وسهلة الاختراق، ويرجع ذلك إلى مجموعة القواعد والضوابط التي تحكم اللغة وتحددها وهو الأمر الذي تفتقر إليه اللهجة، ومثال ذلك هو اللهجات العربية التي تأثرت باللغات الفرنسية والإنجليزية.

هل تختلف اللهجة عن اللكنة؟

تتعلق اللكنة بطريقة نطق اللفظ وليس بتركيبه أو معناه، أي أنها انعكاس لطريقة لفظ اللغة الأم على لغة جديدة أو تأثير نطق اللغة الأم على نطق اللغة الجديدة، فعلى سبيل المثال، إذا حاول المصريون الحديث بلهجة أهل الشام، ستكون اللكنة المصرية واضحة في طريقة نطقهم للكلمات الشامية، وليس في اللغة العربية فقط، بل إذا حاول شخص أوروبي لا يتحدث الإنجليزية الحديث باللغة الإنجليزية، سيجد صعوبة في التخلي عن لكنته والنطق مثلما يتحدث ناطق الإنجليزية الأصلي، ولكن الجدير ذكره أن اللكنة لا تغير من معاني الكلمات ولا تخلق معانٍ ومصطلحات جديدة غير موجودة في اللغة الأصلية.

اختلاف اللهجة على المستوى العربي

تتميز اللغة العربية بأنها لغة ثرية ويتحدث بها عشرات الملايين في عدة مناطق، لذلك تعددت اللهجات العربية وانقسمت إلى مجموعات رئيسية مع فروع، ومنها:

اللهجة الخليجية

قد تبدو اللهجة الخليجية متشابهة، لكنها في واقع الأمر تختلف ويستطيع سكان منطقة الخليج العربي التفريق بين اللهجة السعودية التي تختلف عن البحرينية والعُمانية والإماراتية والكويتية والقطرية. ومن الجدير ذكره أن اللهجات السعودية تختلف عن بعضها البعص فنجد أن اللهجات الحجازية تختلف عن اللهجة البدوية واللهجة الجازانية واللهجة الشرقية.

ويُذكر أن اللهجات السعودية هي أقرب اللهجات للغة الفصحى لأن الجزيرة العربية هي موطن القبائل العربية وسكانها كانوا أقل اختلاطًا بغير العرب حتى خمسينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى الطبيعة الجغرافية والاجتماعية حيث كان غالبية السعوديين من البدو الرحل الذين لا يختلطون بغير أفراد قبيلتهم إلا نادرًا، لكن هذا الأمر ساعد في اندثار بعض المفردات وعدم استخدامها الآن.

إلى جانب اللهجات الخليجية، توجد اللهجات العراقية التي تشمل اللهجة البغدادبة واللهجة البصراوية واللهجة الأنبارية واللهجة التكريتية واللهجة الموصلية، واللهجات المصرية والسورية والفلسطينية والمغربية وغيرها.