كانت حدائق بابل المعلقة (بالإنجليزية: Hanging Gardens of Babylon) واحدة من عجائب الدنيا السبع القديمة، التي يقال إن نبوخذ نصر الثاني بناها عام 600 ق.م تقريبًا، على الرغم من أن هناك أقوال أخرى تقول إن من بناها هو سنحاريب الآشوري قبل ذلك بكثير، وهذه الحدائق وصفها العديد من المؤرخين بصفات لا يمكن رؤيتها جميلة فحسب، بل تُعدّ أسطورية، وهذه الصفات غير مدعومة بالكثير من الأدلة المباشرة، مما يجعل فكرة وجود الحدائق الفعلي محل خلاف بين المؤرخين.
موقع حدائق بابل المعلقة
يُقال إن حدائق بابل المعلقة كانت تقع على بعد 49.8 كم تقريبًا جنوب بغداد بالقرب من القصر الملكي في مدينة بابل، وهي مدينة قديمة لم يبقَ منها في العراق إلا أطلال، وكانت هذه الحدائق واحدة من أكثر عجائب الدنيا السبع إبهارًا، وهي الوحيدة في القائمة التي لا تصنف على أنها أثارًا يونانية أو مصرية، وضُمنت في القائمة بفضل جمالها الأخاذ وطريقة بنائها الفنية التي سمحت بتوصيل الماء اللازم للحدائق على الرغم من ارتفاعها.
مواصفات حدائق بابل المعلقة
بنيت حدائق بابل على شكل تل شبه دائري متعدد الطبقات كالمدرج، ويبلغ ارتفاعها 25 متر تقريبًا وعرضها حوالي 120 متر، وتحتوي في قاعدتها على بركة كبيرة تتدفق على جانبيها تيارات ماء صغيرة، وكانت تروى بأكثر من 35000 لتر من الماء، الذي يُرفع ميكانيكيًا عن طريق مضخات كبيرة، وزُرعت الأشجار والزهور في حقول صغيرة مبنية فوق أعمدة مسقوفة.
وكتب المهندس اليوناني "فيلو" أن حدائق بابل المعلقة وضعت على قاعدة كبيرة من عوارض النخيل التي رُفعت على أعمدة حجرية وغُطيت بطبقة سميكة من التربة وزُرعت فيها جميع أنواع الأشجار والزهور.
وجدير بالذكر أن فيلو هو من وضع قائمة عجائب الدنيا السبع القديمة، وقال إن مظهر حدائق بابل المعلقة العجيب لم يكن هو السبب الوحيد لضمها في القائمة، بل يكمن السبب الآخر في تنوع الزهور فيها، إذ ضمت كل أنواع الزهور التي تسر العين وتبهج النفس، وأكد أن نظام الري فيها كان من الأنظمة الملهمة، إذ كان الماء يصل إلى الحديقة بالكامل ليروي كل جزء فيها على الرغم من ارتفاعها، وهذا كان شيئًا مثيرًا للإعجاب بحق.
قصة حدائق بابل المعلقة
تقول الآراء التي تميل إلى تصديق أن نبوخذ نصر الثاني هو من شيد حدائق بابل المعلقة إنه بناها في القرن السادس قبل الميلاد هدية لزوجته أميتيس، لأنها كانت تشعر بالحنين إلى موطنها ميديا (شمال غرب إيران حاليًا)، الذي كانت تنتشر فيه النباتات الجميلة والجبال.
وكانت أميتيس ابنة ملك ميديا، التي تزوجت من نبوخذ نصر من أجل إقامة تحالف بين الشعبين، تشعر بالإحباط والاكتئاب بسبب الحنين لوطنها وطبيعته الخلابة بما فيه من مساحات خضراء وجبال وعرة، وصدمتها تضاريس بلاد ما بين النهرين المختلفة عما اعتادت عليه تمامًا، لذا قرر الملك أن يخفف من اكتئابها ببناء جبل صناعي وحدائق معلقة لها.
بابل في عهد نبوخذ نصر الثاني
تأسست بابل عام 2300 ق.م تقريبًا، وكان موقعها جنوب مدينة بغداد الحالية، بالقرب من نهر الفرات، ولأنها تقع بالكامل في الصحراء، بنيت من الطين المجفف، لذا كان من السهل تدمير المدينة عدة مرات على مدار تاريخها الطويل، وبحلول القرن السابع قبل الميلاد، ثار أهل بابل ضد الحاكم الآشوري "سنحاريب"، الذي أراد أن يعاقبهم على ثورتهم ويجعلهم عبرة لغيرهم، فدمر المدينة بالكامل.
وبعد مرور ثمانية سنوات قُتل الملك سنحاريب على يد أبنائه الثلاثة، وأصدر واحد من هؤلاء الأبناء أوامره بعد ذلك بإعادة بناء مدينة بابل، ولم يمر وقت طويل حتى ازدهرت بابل من جديد، وأصبحت تعرف باسم "مركز الثقافة والعلم".
وكان الملك نبوبلاصر والد نبوخذ نصر هو من حرر بابل من حكم الآشوريين، وحكم نبوخذ نصر الثاني البلاد عام 605 ق.م، وكانت لديه رغبة شديدة في التوسع، ليجعل مملكته واحدة من أقوى الممالك.
لذا حارب كلًا من المصريين والآشوريين وانتصر عليهم، ثم تحالف مع ملك ميديا وتزوج من ابنته، ولم تكن حدائق بابل المعلقة هي الأعجوبة الوحيدة التي بناها نبوخذ نصر، بل إنه بنى معبد وجدار هائل لحماية المدينة أيضًا، لكن الحدائق المعلقة كان لها النصيب الأكبر في لفت أنظار الجميع.
هل حدائق بابل حقيقة أم خيال؟
تختلف آراء المؤرخين حول إذا ما كانت حدائق بابل المعلقة حقيقة أم خيال، إذ يقول البعض إن هذه الحدائق –بحسب وصفها– ساحرة وجميلة لدرجة ألا يمكن أن تكون حقيقية، إلا أن علماء الآثار اكتشفوا بعض الآثار التي تثبت وجودها في بابل بالفعل، ولكن هذه الآثار أو الأنقاض القديمة التي عُثر عليها ليست بالقرب من نهر الفرات كما كانت تقول الأوصاف القديمة عن الحدائق.
ومن جانب آخر، فإن الحدائق لم تذكر في أي كتابات بابلية معاصرة، لذا يستند أصحاب الرأي الثاني لهذه الأدلة، لدعم رأيهم القائل إن حدائق بابل ما هي إلا أسطورة وصفها الكُتّاب اليونانيون بعد أن سقطت بابل.
لكن قامت الدكتورة ستيفانس دالي من جامعة أكسفورد مؤخرًا بوضع نظرية جديدة تؤكد وجود خطأ في موقع الحدائق المعلقة، وأنها لم تكن في بابل كما تقول النصوص القديمة، بل كانت توجد في مدينة نينوى الشمالية، وأن من بناها لم يكن نبوخذ نصر، بل كان الملك سنحاريب، وتقول إن ما جعل هذا الخطأ يحدث أن نينوى كانت تعرف قديمًا باسم "بابل الجديدة"، إلا أن محاولة استخراج أي حفريات من أطلال نينوى الآن مستحيلًا، لأن هذه المنطقة محل نزاع خطير في العراق.