شانشي (بالإنجليزية:Shanxi) (بالصينية: 山西shān xī) هي مقاطعة صينية تقع شمال البلاد وعاصمتها تاييوان، يحدها من الشرق مقاطعة خبي ومن الجنوب والجنوب الشرقي مقاطعة خنان ومن الغرب شنشي ومن الشمال منطقة منغوليا الداخلية ذاتية الحكم، وتقدر المساحة الإجمالية للمقاطعة بـ 157.100 كيلو متر مربع ويقطنها 34.915.616 مليون نسمة (حسب إحصائية عام 2020م).
مناخ شانشي
مناخ شانشي شبه جاف إذ أنّ متوسط هطول الأمطار السنوي يعد الأقل كميةً في مناطق الشمال الغربي الصيني، ويبدأ الصيف في شانشي من منتصف مايو إلى نهاية سبتمبر وخلال هذه الفترة تسجل درجات الحرارة اليومية أعلى من 25 درجة مئوية، ويُصنف شهر يوليو بأنه الأكثر سخونةً بمتوسط درجة حرارة يومية أعلى من 31 درجة مئوية، أما الشتاء في شانشي فإنه يمتد من نهاية نوفمبر إلى نهاية فبراير وخلالها يكون متوسط درجة الحرارة أقل من 5 درجات مئوية، وأبرد شهور السنة هو يناير.
وللراغبين بزيارة شانشي فإنّ أفضل وقت في السنة لزيارتها هي الفترة الممتدة من منتصف يونيو إلى نهاية سبتمبر، فخلال هذه الفترة يكون الطقس مناسبًا لممارسة مختلف الأنشطة.
تاريخ شانشي
يعتقد المؤرخون أنّ البشر عاشوا في شانشي في وقت مبكر من الحجر الحجري القديم، وفي الفترة ما بين 722ـ 403 ق.م كانت شانشي موقعًا لمملكة جين الصينية التي تم تقسيمها إلى ثلاث ولايات وهي هان وتشاو ووي، وفي الفترة الممتدة من عام 206 ق.م حتى 220م وقعت المدينة تحت سيطرة سلالة هان وخلال هذه الفترة عملت شانشي بمثابة دولة عازلة بين الرعاة الرحل في الشمال والغرب والمزارعين الصينيين في الجنوب والشرق، وازدهرت المدينة تجاريًا وظهر من أبنائها طبقة عُرفت باسم مصرفي شانشي وتجارها واشتهرت في جميع أنحاء الصين.
وفي عام 220م انتهت سلالة هان ومن بعدهم وقعت شانشي تحت حكم العديد من السلالات والأنظمة قصيرة العمر التي كان أبرزها وأخرها سلالة وي التي أسستها قبيلة توبا وامتد حكمها منذ عام 386م ـ 535م، وبقي الحال كذلك حتى عام 581م عندما حكمتها سلالة سوي التي أعادة توحيد الإمبراطورية بعد فترة طويلة من الانفصال والنزاعات، ولكن لم يدم حكم سلالة سوي طويلًا إذ انتهى عام 618م ووصف بأنه أقصر حكم سلالة إمبراطورية صينية، ليتولى الحكم من بعدهم سلالة أسرة تانغ التي حكمت حتى عام 907م.
وخلال فترة الأسر الخمس والممالك العشر شكلت شانشي ثلاث من الأسر الخمسة، وكانت المدينة الوحيدة في الممالك العشر التي تقع في الشمال الصيني، وخلال هذه الفترة شهدت الصين العديد من الانقسامات والاضطرابات السياسية، ومن القرن التاسع حتى نهاية القرن الرابع عشر حكم شانشي العديد من القادة العسكريين المحليين وتعرضت المنطقة لغزو القوات التركية والمغولية، وقسمت الأخيرة الصين لعدة مقاطعات ولكن لم تكن شانشي واحدة منها.
تأسيس شانشي وما بعده
تأسست شانشي رسميًا باسمها وحدودها الحالية من قِبل أسرة مينغ التي حكمت من عام 1368 ـ 1644م، ومن بعدهم حكمت أسرة تشينغ حتى عام 1911م، وخلال حكمهم امتدت شانشي إلى ما وراء سور الصين العظيم لتشمل أجزاء من منغوليا الداخلية.
وخلال الحرب الصينية اليابانية الثانية تمكنت القوات اليابانية من السيطرة على جزء كبير من شانشي وذلك بعد هزيمة القوات الصينية في معركة تاييوان، وبعد هزيمة اليابان استخدمت القوات الشيوعية جزء كبير من شانشي لإنشاء قواعد عسكرية لجيش التحرير الشعبي الشيوعي في الحرب الأهلية الصينية عام 1949م.
الاقتصاد في شانشي
تُعد صناعة الفحم والطاقة الكهربائية العمود الفقري لاقتصاد شانشي، إذ تضم أراضي المقاطعة 260 مليار طن من رواسب الفحم وهذا ما يعادل ثلث إجمالي الفحم في الصين، وتُعد شانشي مصدرًا رئيسيًا للكهرباء في البلاد فعلى سبيل المثال توفر شانشي ربع الطاقة الكهربائية التي تستهلكها العاصمة بكين، وبالإضافة للفحم تحوي أراضي المقاطعة على ما يقارب 500 مليون طن من رواسب البوكسيت والتي تشكل ثلث احتياطات البوكسيت في البلاد، وهذا ليس كل شيء إذ تحتل شانشي المرتبة الأولى على مستوى الصين في احتياطاتها من بعض المعادن مثل: الطين المقاوم للحرارة والزيوليت والبرليت والغاليوم، واليوم تضم شانشي ما يزيد عن 12.000 مؤسسة صناعية تعمل في إنتاج الفحم والمواد الكيميائية وتكرير المعادن وتوليد الطاقة.
أما فيما يتعلق بالقطاع الزراعي في شانشي فإنه محدود إلى حد كبير بسبب طبيعة المناخ الجاف وقلة الموارد المائية، لذلك فإنّ 23% فقط من مساحة أراضيها يمكن زراعتها، وتشمل أبرز المحاصيل الزراعية الأساسية في شانشي القمح والأرز والشعير والذرة والبطاطا والفاصوليا، بالإضافة إلى التبغ والقطن والنباتات الزيتية وبعض أصناف من الخضراوات، وإلى جانب الزراعة تنتشر في شانشي تربية الحيوانات كالأغنام والخنازير والخيول والأبقار والأرانب والدجاج والنحل ودودة القز.
وبالعودة للحديث عن إنتاج الفحم في المقاطعة فإنّ شانشي تُدان بعدم توفير ظروف عمل ملائمة للعاملين في مناجم الفحم وغيرها من الصناعات الثقيلة، إذ يموت سنويًا آلاف العمال في تلك الصناعات، وفي الآونة الأخيرة تم الكشف عن الكثير من حالات سوء معاملة الأطفال العاملين في تلك المناجم.
السياحة في شانشي
نظرًا لتاريخها الطويل تضم شانشي العديد من المواقع الثقافية والتاريخية بالإضافة لعدة مواقع طبيعية، وفيما يلي سنتعرف على أبرز مناطق الجذب السياحي في شانشي:
- مدينة بينغياو القديمة: وهي مدينة قديمة لا يوجد شبيه لها في الصين سوى مدينة واحدة فقط لذلك فهي مُدرجة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي، وبُنيت المدينة في القرن الرابع عشر وما يزال العديد من آثارها موجود حتى يومنا هذا، ومن الجدير بالذكر أنّ تصميم المدينة يشبه لحد كبير شكل السلحفاة، لذلك يُطلق عليها السكان المحليين اسم "مدينة السلحفاة".
- كهوف يونغانغ: وهي مجموعة من الكهوف يبلغ عددها 252 كهفًا وجميعها مُدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وتحتوي الكهوف على لوحات جدارية يعود معظمها إلى أسرة هان، وتروي اللوحات خصائص الرسم في فترات مختلفة، بجانب أنها مادة غنية للبحث الفني والاجتماعي والديني.
- جبل وتاي المقدس: هو واحد من أهم الجبال الأربعة المُقدسة عند البوذيين الصينيين، وفضلًا عن قيمته الدينية يعد الجبل أعلى نقطة في المقاطعة لذلك يقصده الزوار وعشاق الطبيعية لإلقاء نظرة على المناظر الطبيعية الخلابة المحيطة، ويتميز الجبل بتوفير وسائل الراحة لمرتاديه والتي تتمثل بوجود فندق ومطعمين يوفران مأكولات محلية وعالمية مميزة.
- المعبد المُعلق في داتونغ: تضم مدينة داتونغ، وهي ثاني أكبر مدينة في مقاطعة شانشي، واحد من أكثر المعالم الدينية المُثيرة للإعجاب ألا وهو المعبد المعلق الذي يعود تاريخه لما يزيد عن 1500 عام ويرتفع 75 مترًا عن مستوى سطح الأرض، والمعبد بشكلٍ عام مبنى على الطراز البوذي الذي تُعد الكهوف المُعقدة أبرز سماته، وللوصول للمعبد المُعلق يتعين على الزائر السّير على ركائز مصنوعة من خشب البلوط، لذلك قد يكون الصعود للمعبد مُرعبًا بعض الشيء لا سيما عند اهتزاز الأراضيات الخشبية تحت الأقدام.