كانت أثينا مهد الحضارة الغربية، ولا تزال حتى الآن واحدة من أهم المدن الأوروبية وأعظمها، وهي مدينة يونانية تمثل المركز الرئيسي للتجارة والصناعة في اليونان وهي عاصمتها وواحدة من أكثر مدنها جذبًا للسياح، ويرجع هذا لما تضمّه المدينة من مواقع أثرية وتاريخية مهمة تعود لعصور سحيقة مضت.

موقع أثينا

تقع مدينة أثينا في اليونان في جزيرة جنوب بحر إيجة ويحيط بها سهل أتيكا وتحيط بها الجبال من ثلاث جهات، وهي على بعد 8 كم من ميناء بيرايوس البحري، وموقعها هذا هو السبب في تطورها ونموها في العصور القديمة، حيث ساعد سهل أتيكا على تطور الزراعة فيها، بينما ساعدت الجبال المحيطة بها على حمايتها من الأعداء.

تاريخ أثينا

سميت أثينا على اسم ابنة زيوس، وهي آلهة الحكمة والحرب عند اليونان، وسكنها المستوطنون الأوائل الذين كانوا يمثلون عدة مجموعات عرقية متنوعة وعاشوا هناك في المنطقة التي عرفت فيما بعد باسم الأكروبوليس.

تأسيس أثينا

يمكن أن يعود تاريخ تأسيس أثينا بحسب الأساطير اليونانية إلى كيكروبس، وهو رجل نصفه بشري ونصفه الآخر ثعبان، أسس المدينة وأصبح أول ملك عليها في القرن العاشر ق.م تقريبًا.

من الملكية إلى الديمقراطية

تطورت أثينا من مدينة ملكية الحكم إلى مدينة أرستقراطية ثم ديمقراطية، ومع حلول القرن الثامن قبل الميلاد أُلغيت الديمقراطية واستُبدلت بنظام يعرف باسم أرشون أو النظام الحاكم، وبحلول عام 621 ق.م قام دراكو بتشريع أول قانون مكتوب في اليونان القديمة، وجاء بعده سولون (واحد من حكماء اليونان السبعة)، الذي كان يعرف بالطيبة والصدق، حتى أنه ساعد الطبقات العاملة وكان أول من شجع على الديمقراطية.

لكن الثورات الاجتماعية التي حدثت بعد سولون أدت إلى تقسيم المدينة، مما أدى إلى استيلاء بيسستراتوس عليها بالقوة، وكان رجلًا فظًا ووحشيًا، وتبعه في الحكم أبناؤه الذين لم يختلفوا عنه كثيرًا، حتى تحررت أثينا على يد كليسثنيس زعيم الحركة الديمقراطية بين 508 و510 ق.م، وبحلول القرن الخامس قبل الميلاد، والذي عرف باسم القرن الذهبي، حكم بريكليس أثينا وأجرى العديد من الإصلاحات فيها، بما في ذلك بناء أهم المعابد والمعالم الشهيرة في أثينا، مثل معبد أثينا نايكي، وكان يبلغ عدد سكان المدينة في هذا الوقت 250000 شخص تقريبًا.

وأيضًا، حدثت في هذا القرن الحروب اليونانية الفارسية وحرب أثينا وأسبرطة، وانتصرت أثينا وزادت سيطرتها وقتها على المدن اليونانية الأخرى، مما تسبب في استياء هذه المدن وحدوث ثورة ساموس عام 404 ق.م، وبعد عدة حروب في السنوات التالية خسرت أثينا وضعفت، وجاء الوباء ليقتل ثلث سكانها، وعانت البلاد من تدهور سياسي واجتماعي وثقافي لا سيما خلال القرن الرابع قبل الميلاد.

احتلال روما لأثينا

بحلول عام 146 احتلت روما المدينة ونهبتها ودمروا العديد من الآثار فيها، وقتلوا آلاف الأبرياء، لكن أثينا حافظت على مكانتها مركزًا فكريًا مهمًا، وكانت طوال الثلاثة قرون التالية عاصمة الثقافة للعالم، وتوافد عليها الكثير من الطلاب للدراسة من مختلف أنحاء العالم.

فترة العصور الوسطى

بحلول عام 395، سيطرت الإمبراطورية البيزنطية على أثينا، وتسببت في تدهورها لا سيما مع دخول المسيحية، وبعد عدة قرون في فترة العصور الوسطى نُهبت المدينة على يد النورمان، لكن بحلول القرنين الحادي عشر والثاني عشر ازدهرت أثينا وبنيت العديد من الكنائس البيزنطية في هذا الوقت.

السيطرة الصليبية والفتح الإسلامي

مع حلول عام 1204م، سيطر الصليبيون على المدينة، ثم فتحها العثمانيون بعد قرنين من الزمان وحولوا الكنائس إلى مساجد، حتى استطاع الفينيسيون السيطرة عليها وأخذها بالقوة من الإمبراطورية العثمانية عام 1687م، لكن استردها العثمانيون مرة أخرى بعد عام واحد، ولم يغادروها إلا بحلول عام 1833م.

تأسيس دولة اليونان المستقلة

قامت القوى العظمى المكونة من روسيا وفرنسا والمملكة المتحدة عام 1832م بتأسيس دولة يونان المستقلة، وجعلوا أثينا عاصمة لها، وبعد الكثير من الصراعات التي استمرت لعشرات السنين أعلنت الجمهورية عام 1924م، حتى قامت الحرب العالمية الثانية التي احتل فيها الإيطاليون المدينة، ثم غزتها القوات الألمانية عام 1944م، ولم تنمو المدينة إلا بعد انتهاء الحرب، ومنذ عام 1981م دخلت اليونان عضوًا في الاتحاد الأوروبي وأصبح اليورو عام 2001م هو عملتها الرسمية، والآن يمكننا أن نقول إن أثينا هي المركز السياسي والاقتصادي والثقافي للبلاد، وهي أكثر الأماكن جذبًا للسياح فيها.

أهم المعالم السياحية في أثينا

تضمّ أثينا العديد من الأماكن السياحية الأثرية المهمة التي يرجع تاريخها لآلاف السنين، ومن أجمل هذه الأماكن التي تجذب العديد من السياح كل عام ما يأتي:

الأكروبوليس

الأكربوليس هو أشهر تل في أثينا يجذب العديد من الزوار كل عام، ويبلغ ارتفاعه 156 متر، وينتشر حوله العديد من الآثار اليونانية الأخرى بما في ذلك القلعة القديمة.

البارثينون

البارثينون هو أشهر مبنى لا في أثينا فقط بل في اليونان كلها، ويقع في الجزء العلوي من الأكروبوليس، ويُعدّ أفضل مثال على الطراز المعماري اليوناني البسيط، وبُني هذا المبنى في البداية معبدًا لتكريم آلهة أثينا وراعيتها وشكرها على حماية المدينة في وقت الحروب الفارسية، ويزين المبنى بالعديد من المنحوتات المبنية على الطراز اليوناني المميز.

بلاكا

بلاكا هي منطقة في أثينا تقع أسفل الأكروبوليس، وهي جزيرة داخل المدينة، لذا فهي واحدة من أشهر أماكن الجذب السياحي هناك، وتضمّ المنطقة العديد من المقاهي والمظلات والممرات الحجرية والأشجار القديمة والمتاجر والمطاعم.

أجورا القديمة

تقع أجورا القديمة شمال غرب الأكروبوليس، وكانت فيما مضى سوق يبيع فيه الناس كل أنواع السلع ويشترونها، وكانت مركز لإقامة اللقاءات السياسية والأعمال التجارية، وهي الآن أفضل مثال على تاريخ اليونان الثقافي العريق.

إرخثيون

إرخثيون هو معبد شهير يقع في الأكروبوليس، وهو واحد من المباني الأسطورية التي تدل على روعة العمارة اليونانية، بُني بين عامي بين 421 و405، وكان فيما مضى الحصن الآمن لأثينا بولياس وإريخثيوس وبوسيدون.