عُرفت السيدة زها حديد كأهم المهندسين المعماريين في العصر الحديث وأبرزهم إذ أخذت التصميم المعماري في اتجاه معقد وجديد ومبتكر وأحدثت ثورة في تصميم البناء التقليدي ذي الخطوط المستقيمة، بحيث أنتجت العديد من التصاميم المتسمة بالحداثة والحرية والابتكار والتفرد وتركت بصمة خالدة على المشهد المعماري في مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى تصاميمها للعديد من المنتجات مثل الأثاث والمجوهرات والإضاءة في المنازل والأبنية.

ومن الجدير ذكره أن ناتجها الفني في التصميم اعتمد على ما يقارب ثلاثين عامًا من البحث والاكتشاف في مجالات الرياضيات والعمارة والتصميم والذي دمجت فيه بين التقنية والطبيعية، مما أدى إلى الإعتراف بها على مستوى العالم من قبل العديد من المؤسسات العالمية مثل قائمة فوربس لأقوى النساء في العالم ومجلة تايم وجمعية الفنون اليابانية وغيرها الكثير.

زها حديد... مولدها ونشأتها

زها حديد هي زها محمد حسين حديد اللهيبي (بالإنجليزية: Zaha Muhammad Hussain Hadid al-Lahibi) ولدت في 31 أكتوبر/تشرين أول عام 1950م في بغداد، العراق، لوالدها محمد حديد، وزير المالية الأسبق وأحد قادات الحزب الوطني الديمقراطي العراقي، ووالدتها وجيهة الصابونجي. نشأت زها حديد وترعرعت في بغداد حتى أنهت تعليمها الثانوي، وتلقت خلال هذه الفترة الدعم والمسانده من والديها مما أيقظ في داخلها روح الحماس والثقة بالنفس، إذ بدأت من عمر صغير جدًا بممارسة هواية التصميم وأخذت الخطوة الأولى حيث أخذت على عاتقها تصميم نظام غرفتها الخاصة بعمر 11 عامًا.

وبعد انتهاء مرحلة الثانوية، انتقلت زها إلى بيروت في سبعينيات القرن 20العشرين لإتمام تعليمها الجامعي ولتتوجه بعدها إلى لندن لدراسة الهندسة، ثم افتتاح شركتها الخاصة في مجال الهندسة المعمارية عام 1980م، مما مهد لها الطريق للحصول على الإعتراف الدولي عام 1983م وساعدها على نشر أعمالها في مجال العمارة والتصاميم الداخلية، إضافة إلى التعامل مع أهم العلامات التجارية وأشهرها مثل أحذية لاكوست وأعمال لويس فيتون وسواروفسكي.

حياة زها حديد التعليمية والعملية

تلقت زها حديد تعلميها المبكر في إحدى المدارس الكاثولويكية في العراق التي ضمت العديد من الخلفيات الاجتماعية والثقافية، إذ نشأت حديد بين العديد من الطلاب الفرنسيين والمسيحيين واليهود والمسلمين، وهي تنتمي إلى أسرة عربية مسلمة، وبعد انتهاء التعليم الثانوي، بدأت زها حديد دراسة الرياضيات في بيروت في الجامعة الأمريكية.

وفي عام 1972م، انتقلت زها حديد إلى لندن وبدأت دراسة الهندسة المعمارية، مما مهد لمسيرتها العملية إذ استطاعت أن تتعرف خلال هذه الفترة على العديد من الأساتذة والطلاب الذين لعبوا دورًا مهما لتصبح جزءً وشريكًا في مكتب متروبوليتان للعمارة (بالإنجليزية: Office for Metropolitan Architecture).

واستطاعت زها حديد خلال مرحلة دراسة الهندسة المعمارية في لندن أن تثبت نفسها بقوة في مجال التصميم إذ أشاد العديد من الأساتذة بموهبتها وقدرتها على رؤية الصورة الأكبر والشاملة قبل التفاصيل، وخلال سنتها الرابعة صممت فندقًا لجسر هانجرفورد المعروف باسم ماليفيتش تكتونيك (بالإنجليزية: Malevich Tektonik).

وتجدر الإشارة إلى أنه بحلول عام 1977م، بدأت زها حديد التدريس في جمعية الهندسة المعمارية في لندن، وفي غضون ثلاث سنوات استطاعت حديد أن تؤسس شركتها الخاصة والتي ضمت أكثر من 350 موظفًا، ونفذت أول مشاريعها الخاصة في ألمانيا وهو محطة مطافئ فيترا (بالإنجليزية: Vitra Fire Station) لتتوالي بعدها المشاريع المعمارية الخاصة بالشركة.

ويشار إلى أن زها حديد، وإلى جانب وظيفتها الأكاديمية في جمعية الهندسة المعمارية، شغلت منصب أستاذ جامعي في جامعة إلينوي في فترة التسعينيات من القرن العشرين، إضافة إلى كونها أستاذ غير متفرغ في العديد من المؤسسات والتي من أهمها كلية نولتون للهندسة المعمارية في جامعة أوهايو وجامعة كولومبيا.

جوائز أحرزتها زها حديد

حازت زها حديد على العديد من الجوائز خلال مسيرتها المهنية، والتي تجاوزت في عددها مائة جائزة وفيما يأتي أهمها:

  • جائزة الميدالية الذهبية للتصميم المعماري عن فن العمارة البريطانية عام 1982م.
  • جائزة بريتزكر للعمارة عام 2004م، وتجدر الإشارة إلى أن زها حديد هي أول امرأة تحصل على هذه الجائزة والتي تُعدّ أعلى الجوائز في فن هندسة العمارة.
  • وسام سيدة الإمبراطورية البريطاني عام 2012م، حيث حصلت زها حديد على لقب سيدة قائدة من قبل ملكة بريطانيا تكريمًا لجهودها في العمارة البريطانية.
  • لقب أقوى رابع امرأة في العالم عام 2010م حسب تصنيف مجلة تايمز.
  • جائزة أفضل تصميم عن مركز حيدر علييف في باكو عام 2014م.

أبرز المباني المصممة من قبل زها حديد

صممت زها حديد العديد من المباني حول العالم وفيما يأتي أبرزها:

  • محطة إطفاء فيترا، ألمانيا (1994م)
  • مركز فاينو للعلوم، ألمانيا (2005م)
  • الجسر الجناح في سرقسطة (2008م)
  • أكاديمية إيفلن جريس، لندن (2008م)
  • دار أوبرا قوانغتشو، قوانغتشو (2010م)
  • جسر الشيخ زايد، أبو ظبي (2010م)
  • متحف ريفرسايد، اسكتلندا (2011م)
  • مركز لندن للألعاب المائية، ستراتفورد (2012م)
  • مركز حيدر علييف الثقافي، باكو (2012م)
  • جالاكسي سوهو، بكين (2012م)

أسلوب زها حديد المعماري

اشتهرت زها حديد بأسلوبها الراديكالي التفكيكي في التصميم (بالإنجليزية: Radical Deconstructivist)، وهو الأسلوب المعتمد على الحرية الجذرية للشكل والمظهر المفتوح والمعقد الخالي من الزوايا القائمة أو الشبكات، وغالبًا ما استلهمت زها حديد أسلوبها التصميمي من فلسفة الحداثة والتحديات إذ قالت "يجب أن تسهم العمارة في تقدم المجتمع وفي النهاية رفاهيتنا الفردية والجماعية"، إذ هدفت في جميع تصاميمها إلى تحقيق عدة أهداف أهمها تسهيل الحياة اليومية والتخفيف من مشاكل التلوث وتحقيق مبادئ السلامة.

وفاة زها حديد

توفيت المهندسة المعمارية زها حديد عن عمر يناهز 65 عامًا في ميامي، فلوريدا، يوم 31 مارس/آذار عام 2016م، مخلفة ورائها إرثًا وعلمًا ضخمًا في مجال الهندسة المعمارية، والجدير بالذكر أن سبب وفاة زها حديد إصابتها بنوبة قلبية في أثناء تواجدها في إحدى مستشفيات ميامي حيث كانت تتواجد للعلاج من إلتهاب الشعب الهوائية.