تعود جذور رقصة السامبا (بالإنجليزية: Samba) إلى البرازيل وبدأت بالانتشار في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي. وتشتهر هذه الرقصة بحركاتها البسيطة التي يؤديها شريكا الرقص بالتحرك للأمام والخلف مع اهتزازات الجسم وميله بإيقاع متزامن، ويمكن للشريكين أن ينفصلا عن بعضهم البعص على المسرح لتأدية خطوات منفصلة ثم يعودا للرقص معًا من جديد.

تاريخ السامبا

لرقصة السامبا وموسيقاها تاريخ ثقافي غني وطويل، ويمكننا أن نوضح تاريخ تطور السامبا منذ ظهورها كما يلي:

القرن السادس عشر

يُعتقد أن كلمة سامبا تأتي من كلمة سيمبا التي يعود أصلها إلى غرب إفريقيا، وترمز هذه الكلمة إلى الدعوة الجسدية أو الحركات الحميمية التي ترتبط عند الأفارقة بالاحتفالات الدينية. ويرتبط تاريخ السامبا بتاريخ الاستعمار والرق للسود الأفارقة الذين جلبهم التجار البرتغاليون إلى ولاية باهيا في البرازيل، فاحتفظوا بعاداتهم في الرقص وقرع الطبول ونشروها في البرازيل على الرغم من محاولة الأوروبيين منعهم من ذلك لأنهم كانوا ينظرون إلى هذه الأشياء على أنها مبتذلة.

القرنين السابع عشر والثامن عشر

في القرنين السابع عشر والثامن عشر، استمر الرقص والموسيقى الخاصة بالعبيد الأفارقة في الانتشار في باهيا، لكن لم تتطور السامبا إلا بعد إلغاء العبودية في البرازيل حيث انتقل أحفاد العبيد إلى الجنوب، تحديدًا إلى ريو دي جانيرو، وعاشوا في الأحياء الفقيرة ومارسوا نوع من الرقص يشبه التانجو.

القرن التاسع عشر

بدأ الأفارقة يمارسون السامبا في القرن التاسع عشر بحرية بعد إلغاء العبودية في البرازيل، ومزجوا بين إيقاع حركاتهم مع الإيقاعات الأوروبية مع العزف على آلاتهم الخاصة والغناء والرقص في دوائر، وكانوا يمارسون هذه الرقصة التي تعرف باسم "سامبا دي رودا" في الاحتفالات والمناسبات الدينية، وبالتالي فهي لم ترتبط عندهم بالترفيه في المقام الأول.

وعلى الرغم من أن المؤرخين يقولون إن السامبا نشأت في الأصل في باهيا، لم تبرز وتتطور إلا في ريو دي جانيرو في القرن التاسع عشر حين أصبحت ريو عاصمة البرازيل، لكن لم ينظر لهذه الرقصة نظرة جيدة، لأنها كانت من أصول إفريقية، لذا كان محبو رقص وموسيقى السامبا يمارسونها في منازلهم بعيدًا عن العيون.

ثم بدأت السامبا تظهر في الحفلات شيئًا فشيئًا وساعد العديد من الفنانين المشهورين في تطور السامبا في هذا الوقت، مثل بيكسينجوينها وهيتور دوس برازيريس ودونغا وغيرهم. ولم يلبث الصحفيون ومؤلفو الموسيقى المشهورون أن حضروا هذه الحفلات وعلى رأسهم مانويل بانديرا وماريو دي أندرادي.

ومع نهاية القرن التاسع عشر، شقت السامبا طريقها إلى الأماكن الفقيرة في ريو، وانتشرت بين عامة الشعب، وأصبحت نوع شهير وقوي من الموسيقى والرقص.

القرن العشرين

مع حلول القرن العشرين بدأت السامبا، سواء كرقصة أو موسيقى، تحظى بشعبية كبيرة للغاية، لا سيما منذ عام 1911م حين بدأت أولى التسجيلات المبكرة لموسيقى السامبا، ومع بداية العشرينيات إلى الثلاثينيات كان إيقاع السامبا أكثر بطئًا ورومانسية، وهذا ما أدى لظهور نوع من السامبا يعرف باسم سامبا كانكاو.

ومع حلول الخمسنيات بدأ نوع جديد أكثر مرحًا من السامبا في الظهور، وكان ينتشر بكثرة في الأحياء الفقيرة ويُمارس في مختلف الاحتفالات والكرنفالات.

ومع دخول السبعينيات بدأت تظهر أنواع أخرى كثيرة من السامبا، وهذا ما جعل الرقصة تنتشر في كل مكان تقريبًا، حيث بدأ يمارسها البرازيليون من كل الطبقات والأعراق، أما في الثمانينيات فبدأ يتطور نوع جديد من السامبا في ولاية باهيا الشرقية، وكانت الموسيقى حينها ذات إيقاع أبطأ قليلًا.

أشهر أنواع رقصة السامبا

رقصة السامبا لها مجموعة من القواعد الأساسية التي يمكن أن تختلف قليلًا من بلد لآخر، وهذا ما جعل هناك العديد من أنماط السامبا، إلا أننا يمكننا حصر أهم ثلاث أنماط فيما يأتي:

السامبا الفردية

السامبا الفردية (بالإنجليزية: Solo Sambas) هي نوع من أنواع رقصة السامبا التي يؤديها الراقص بخطوات بسيطة يبدأ فيها بتحريك القدمين معًا مع إرخاء كلتا الركبتين، ثم التقدم نصف خطوة إلى الأمام وسحب قدم أسفل القدم الأخرى، وتكرار هذه الخطوات بنفس التسلسل على الموسيقى الإيقاعية حتى يجيدها الراقص تمامًا.

سامبا Axé

سامبا Axé هي رقصة سامبا منفردة أيضًا لكن بقواعد أحدث، حيث مُزجت فيها حركات رقصة السامبا مع بعض التمارين الرياضية، وتُرقص على مجموعة من الأغاني الجديدة المميزة، وكل أغنية من هذه الأغاني تُرقص بها السامبا بطريقة مختلفة خاصة بها تناسب فئة الشباب أكثر مع حركات محددة تعبر عن كلمات الأغنية وتتفاعل معها، وفي هذا النوع غالبًا ما يبدأ الرقص بوتيرة بطيئة ثم تُسرع.

سامبا الشريكين

سامبا الشريكين (بالإنجليزية: Partner Samba) هي واحدة من أشهر أنواع هذه الرقصة، والتي تعد مزيجًا بين رقصتي الفالس والتانجو، إلا أن ما يميزها أنها رقصة حرة وعفوية أكثر من التانجو، إذ إنها لا تلتزم بنفس معاييره الصارمة، ولا يلتزم فيها الشريكان بحركات معينة، لكن هذا لا ينفي أن لديها حركات محددة بسيطة، وتطورت مع مرور الوقت منذ ظهورها في البرازيل والأرجنتين وأُدخلت عليها العديد من الحركات المميزة التي جعلتها من الأنماط الفريدة من نوعها.

أهمية رقصة السامبا في البرازيل

لأن رقصة السامبا نشأت في الأصل في البرازيل، فإنها جزءً مهمًا من ثقافتهم منذ عشرات السنين، لذا يقام كرنفال للسامبا كل عام هناك، ليس هذا فحسب، بل إن السامبا تُرقص هناك في أي وقت على مدار العام، لا سيما في الشوارع والنوادي الليلية، ويُعدّ الرقص والموسيقى عمومًا جزء مهم وطبيعي من أسلوب حياة شعب البرازيل، والسبب في هذا هو قدرتهم على جمع الناس معًا وتعزيز علاقاتهم على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية، لذا يعتقد البعض أن السامبا البرازيلية لها جذور وأهمية أكبر من كرة القدم في الثقافة البرازيلية.