مدريد هي عاصمة إسبانيا وواحدة من أكثر المدن النابضة بالحياة على مستوى العالم، فهي لا تصنف فحسب مدينة مبهجة بما تحتوي عليه من متاحف وشوارع مزدحمة ومطاعم ومحلات تجارية راقية، بل تصنف أيضًا واحدة من أهم المدن التاريخية التي تحتوي على معالم تعود لمئات السنين، هذا بجانب أهميتها الرياضية، لأنها مقر أشهر فريق كرة قدم في العالم، وهو فريق ريال مدريد، الذي صنف أفضل فريق كرة قدم بالعالم في القرن الماضي، لذا يمكننا أن نقول على مدريد إنها واحدة من أشهر المدن الأوروبية وأكثرها إثارة على الإطلاق.

موقع مدريد

تقع مدينة مدريد أكبر مدن إسبانيا وعاصمتها الرئيسية في وسط البلاد تقريبًا، على هضبة مرتفعة عند نهر مانزاناريس، على ارتفاع 6464 متر تقريبًا من مستوى سطح البحر، وهي على بعد 531 كم من مالقة، و625 كم من برشلونة، و356 متر من فالنسيا.

تاريخ مدريد

يمكن أن يعود تاريخ مدريد إلى القرن التاسع الميلادي، حينما أمر الأمير محمد الأول (أمير قرطبة) ببناء قلعة على ضفاف نهر مانزاناريس بين عامي 852م و886م، وأطلق عليها اسم "مايريت"، الذي يدل على وفرة المياه والأنهار الموجودة في هذا المكان، وبنيت هذه القلعة على قمة تل في المكان الذي يقع فيه القصر الملكي في مدريد الآن.

وبحلول عام 932م، غزا راميرو الثاني القلعة، إلا أن الملك ألفونسو السادس (ملك ليون وقشتالة) استطاع استردادها منهم عام 1085م، وبدأت المدينة تنمو على يديه بفضل حملة الإعمار التي تبناها منذ أن ضمها إليه وحتى عام 1202م، وبين عامي 1339م و1340م دعا الملك ألفونسو الحادي عشر لإقامة محكمة مملكة قشتالة في مدريد، وهذا ما فعله هنري الثالث أيضًا.

وازدادت أهمية المدينة وتأثيرها القوي حين جعلها الملك فيليب الثاني (ملك إسبانيا) عاصمة البلاد عام 1561م، وبحلول القرن الثامن عشر دخلت مدريد في حرب الخلافة الإسبانية، التي نتج عنها وفاة تشارلز الثاني، وتنازعت على مدريد العديد من القوى، إلا أن المدينة دعمت عائلة بوربون، فأرسل الملك لويس الرابع عشر (ملك فرنسا) حفيده الملك فيليب الخامس ليحكم إسبانيا عام 1706م، وبهذا يكون حكمها أحد أعضاء عائلة بوربون.

وقام فيليب منذ أن تولى المملكة ببناء العديد من المباني والقصور الجديدة، مثل القصر الملكي، إلا أن الحرب النابليونية عرقلت خطة تحديث المدينة التي تبناها آل بوربون، وتأثرت مدريد كثيرًا ولم تبدأ في التعافي مرة أخرى إلا بحلول ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وتطورت المدينة بمرور الوقت لا سيما في القرن العشرين، وبُنيت فيها شركات كبيرة، وبدأت بتصنيع الأدوية والمستحضرات الصيدلانية والكيماويات وغيرها، والآن يعيش في مدريد أكثر من ستة ملايين نسمة، وأصبحت واحدة من أهم المدن الأوروبية على الإطلاق.

أهم المعالم السياحية في مدريد

مدريد هي مدينة حديثة نسبيًا، مليئة بالحيوية والنشاط والمعالم الثقافية المميزة كالمباني المعمارية والمتنزهات الخلابة، وتُعدّ المدينة مركز الحياة الاجتماعية والثقافية في إسبانيا، ويمكن للسياح والزائرين من كل مكان في العالم الاستمتاع بأهم المعالم السياحية والآثار التاريخية فيها وهي:

متحف برادو

يضم متحف برادو العديد من القطع الفنية التي تجعله واحدًا من أهم المتاحف العالمية، إذ يحتوي المتحف على أكثر من 8000 لوحة و700 منحوتة، والعديد من الأعمال الفنية الأخرى التي تجعله ينافس تلك الموجودة في متحف اللوفر في باريس، وأغلب اللوحات التي يعرضها المتحف تخص الفترة من القرن الثاني عشر إلى بداية القرن التاسع عشر، ويلحق بالمتحف متجرًا للهدايا ومقهى بشرفة لطيفة لاحتساء المشروبات في الهواء الطلق.

حديقة ريتيرو  وقصر الكريستال

حديقة ريتيرو هي حديقة مورقة مرتبة بشكل خلاب تقع في قلب مدريد، وتُعدّ الخيار المثالي لمن يريد أن يبعد عن صخب المدينة، حيث تضم أكثر من 15000 شجرة على مساحة تقدر بـ 346 فدان (1.4 كم مربع)، وأُنشئت الحديقة في القرن السابع عشر لدوق أوليفاريس، وتم تحسينها في القرن التاسع عشر في عهد إيزابيلا الثانية، وبعدها أصبحت حديقة عامة، ويوجد داخل نطاق الحديقة قصر الكريستال، الذي بُني عام 1887م، حيث يتميز بمعماره المميز وإطلالاته على عدد من النوافير الرائعة، وتحتوي الحديقة أيضًا على مرصد بُني عام 1790م لإشباع شغف محبي النجوم.

المتحف الملكي

المتحف الملكي واحد من المتاحف الشهيرة في إسبانيا، وهو على غرار قصر فرساي، إلا إنه ليس متحفًا فحسب، بل ما يزال المقر الرسمي لملك إسبانيا، والمكان الذي تقام فيه المناسبات الرسمية للبلاد، وبُني هذا القصر في القرن الثامن عشر بأوامر من فيليب الخامس، وصُمم بواجهة كلاسيكية من الجرانيت، ويتزين الدرابزين الخاص به بتماثيل الملوك الإسبان، هذا بجانب اللوحات الجدارية الرائعة التي تنتشر في جميع أنحاء القصر، ويحتوي أيضًا على أكثر من 3000 قطعة أثرية تعود للعصور الوسطى، ويحيط به الحدائق الخلابة والمبهجة من جميع الجهات، والتي صممت على الطراز الفرنسي، مع ممرات المشي والنوافير الجميلة.

ساحة بلاثا مايور

ساحة بلاثا مايور أو بلازا مايور هي ساحة شهيرة وأنيقة في مدينة مدريد، يعود تاريخها إلى عهد الملك فيليب الثالث في القرن السابع عشر، حيث استُخدمت مركزًا للتجارية والنشاطات الليلية ومسرحًا للحفلات والأحداث المهمة مثل إعلان تنصيب ملك جديد أو تقديس القديسين، وكانت الساحة أيضًا مكان إقامة مسابقات مصارعة الثيران وعروض الفرسان والأبطال والعروض الدرامية وغيرها، واليوم تعج الساحة الواسعة بممرات مرصوفة بالحصى مع العديد من المقاهي والمطاعم المميزة.

ملعب سانتياغو برنابيو (ملعب ريال مدريد)

ملعب سانتياغو برنابيو أو كما يشتهر باسم ملعب ريال مدريد، هو أشهر ما يميز مدينة مدريد، وهو المكان الذي يروي شغف محبي كرة القدم من كل مكان في العالم، لا سيما من يشجعون فريق ريال مدريد الشهير، ويمكن للسياح والزوار زيارة الملعب والقيام بجولة في الاستاد والمتحف الملحق به، ورؤية التحف والجوائز التي حصل عليها الفريق، وكذلك مشاهدة المعارض المؤقتة التي تقام هناك باستمرار.