يقصد بمقومات الثقافة لُغة: كل ما تتألف وتتركب منه الثقافة من عناصر أساسية تسهم في وجودها وفعاليتها وقيامها، وتعرف مقومات الثقافة اصطلاحًا بأنها المكونات المادية وغير المادية للثقافة التي صنفها علماء الاجتماع إلى مكونات كبيرة وتعرف بالمكونات المادية وتتضمن الأعمال الملموسة مثل الفن والعمارة والأدوات المستخدمة من قبل الإنسان في مختلف المجالات، ومكونات أصغر تعرف بالمقومات غير المادية وتتضمن اللغة والعادات والتقاليد والطقوس والممارسات وغيرها.

مقومات الثقافة الأساسية

تقسم مقومات الثقافة إلى قسمين أساسيين، مقومات مادية وأخرى غير مادية، يؤثر كل منها على الآخر بطريقة أو بأخرى، وفيما يأتي تفصيل ذلك:

مقومات الثقافة المادية

تتضمن مقومات الثقافة المادية الأدوات والأواني والأسلحة والعمارة والآلات والمجوهرات والفن والآثار والتاريخ المكتوب أو السجلات المكتوبة والوثائق والصور الدينية والأزياء التقليدية، وأي من الأشياء التي أنتجها الإنسان أو يستخدمها بشكل مادي ملموس، ويشار إلى أن هذه العناصر مجتمعة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالعناصر غير المادية، ففي حال توقف الإنسان عن الوجود واستخدام هذه العناصر لن يكون للعناصر غير المادية أي معنى أو وجود أيضًا.

ويذكر أن العناصر المادية مرت عبر ثلاث مراحل تغيير أساسية وأولها ما بين 14500 و12000 سنة حيث حدث تغيير جذري على عناصر الثقافة عندما أصبح الإنسان منتجًا للغذاء وبدأ بقيادة الثورة الزراعية بدلًا من اعتماده على الصيد وجمع الغذاء بصورة أساسية، وفي عام 1800م بدأت المرحلة الثانية إذ قامت الثورة الصناعية التي أثرت على مقومات الثقافة المادية بحيث سخرت الطاقة بمختلف أشكالها للاستخدام في عمليات الإنتاج لمختلف المواد التي تشكل جزءً لا يتجزأ من مقومات الثقافة المادية، وشكّل استخدام الطاقة الذرية فيما بعد المرحلة الثالثة في تغيير عناصر الثقافة المادية وشكّل أحد أهم أجزائها لبعض الدول.

مقومات الثقافة غير المادية

تتضمن مقومات الثقافة غير المادية العديد من العناصر التي تتوفر في كافة الثقافات المختلفة بصورة عامة مع اختلاف المضمون، وفيما يأتي ذكر أبرزها وأهمها على المستوى العالمي:

  • القيم (Values)

تُعدّ القيم أحد أهم مقومات الثقافة غير المادية والتي يمكن من خلالها تنظيم السلوك الاجتماعي وإنتاجه، ويمكن تعريف القيم بأنها الشيء ذو الأهمية للأفراد والمجتمع والذي يتم تناقله من الآباء إلى الأبناء بحيث يتراكم ضمن ثقافة مجتمع معين وينقل من جيل لآخر أو يتكون بصفة فردية نتيجة قناعات وأيدلوجيات خاصة، أو هي مفهوم ضمني أو صريح مميز لفرد أو مجموعة يؤثر على الاختيارات والقرارات المتخذة في الحياة، وتُعدّ قيم الدين والعمل والأسرة والأصدقاء أمثلة على القيم العامة في الثقافات المختلفة.

  • الأعراف والأيديولوجيات (Norms and Ideologies)

تشكّل الأعراف والأيديولوجيات مجموع السلوكيات والقيم والحالات الذهنية المرغوبة في مجتمع ما ضمن ثقافة معينة والتي يمكن أن تتداخل بشكل كبير مع عنصر القيم السابق ذكره، ويشار إلى أن الأعراف المنتشرة في الثقافات تنقسم إلى قسمين أساسيين هما: أعراف عامة تنطبق على كافة أفراد المجتمع المنتمين إلى الثقافة المعينة ويخضعون لها، مقابل أعراف خاصة ترتبط بصورة أساسية بالأفراد وعاداتهم اليومية وغالبًا ما تُعرف باسم الأعراف أو العادات الشعبية.

  • قيم الطفولة (Values for Children)

أصبحت القيم التي تشكل سلوكيات الأطفال أحد أهم مقومات الثقافة في العديد من الثقافات العالمية، ويمكن النظر إلى هذا العنصر على أنه مزيج حقيقي بين معيار ومقوم إذ يمثل كافة النسق الفكرية والقيم الشخصية التي تحاول الثقافة غرسها في الأطفال عن طريق الآباء في مختلف المراحل العمرية.

  • المعتقدات (Beliefs)

يمكن تعريف المعتقدات بأنها قواعد واتفاقات أو اختلافات مع وجهات النظر الخاصة والعالمية وهي مجموع الأفكار المستخدمة من قبل الإنسان في توجيه سلوكه في المواقف المختلف والتي تُعدّ جزءً لا يتجزأ من المشاريع الثقافية المتعددة، ويشار إلى أن المعتقدات تصاغ إما بصورة خاصة وتُعدّ معتقدات خاصة أو تعتمد على مرجع عام وتعرف بأنها معتقدات عامة منتشرة بين جميع أفراد المجتمع.

  • الرموز (Symbols)

تشكل الرموز المادية وغير المادية أحد مقومات الثقافة التي تختلف من ثقافة إلى أخرى، ومن أهم أشكال الرموز في الثقافات: الأعلام والرموز الدينية والنشيد الوطني والشخصيات القيادية والصداقة وعلامات التحية والمغادرة والإيماءات ولغة الجسد، ويشار إلى أن العديد من لغات الجسد تختلف من ثقافة لأخرى ففي حال كانت بعض الحركات ذات معنى إيجابي ضمن ثقافة ما قد تعني العكس في ثقافة أخرى والعكس صحيح.

  • اللغة (Language)

تُعدّ اللغة أهم مقومات الثقافة في أي مجتمع إذ تسمح بعملية التعلم والتطور، وبالتالي التأثير على كافة عناصر الثقافة الأخرى وخاصة المادية مما يعني قيام ثقافة المجتمع وبروزها والحفاظ على ديمومتها، ويذكر أن اللغة قد تكون مشتركة أو عالمية وبالتالي تسمح بتواصل أكبر وأوسع بين أبناء المجتمع المحلي والأشخاص غير المحلين، أو قد تكون لغة خاصة غير مشتركة تقتصر فقط على فئة محددة من الأشخاص.

  • الطقوس (Rituals)

تتمتع كل ثقافة بطقوس خاصة والتي تُعدّ أحد أهم عناصرها ومقوماتها، وغالبًا ما تعرف الطقوس بأنها مجموع الإجراءات المتخذة في الاحتفالات أو المناسبات الخاصة المتناقلة من جيل لآخر والمشتقة من أصول دينية أو دنيوية.

  • أخلاقيات العمل (The Work Ethic)

برزت أخلاقيات العمل ضمن المقومات الثقافية غير المادية بشكل واضح، إذ أصبح ينظر للعمل على أنه أمر يجب القيام به لقيام المجتمعات والثقافات وأنه أمر أخلاقي ينعكس أثره على العديد من المقومات الأخرى المادية وغير المادية.

  • العناصر المعرفية

يقصد بالعناصر المعرفية كافة الإجراءات والسلوكيات المعرفية التي يستخدمها الإنسان لإدارة المواقف الصعبة أو الكوارث الطبيعية أو هي المخزون المعرفي الذي يستخدمه الفرد للتعامل مع الوضع الراهن في مختلف المجالات الطبيعية والاجتماعية، والتي يهدف من خلالها تحقيق العيش الآمن والشعور بالسلام.

أهمية مقومات الثقافة

تساعد مقومات الثقافة على استمرارية الحضارات والمجتمعات في مختلف بلدان العالم وتحقق كل منها العديد من الوظائف وفيما يأتي بيان ذلك:

  • اللغة: تستخدم اللغة وسيلة تساعد على التواصل بين أبناء المجتمع الواحد وتبادل الأفكار ووجهات النظر والمعرفة والمعلومات التي توفر الأمن.
  • الطقوس والتقاليد: تزيد الطقوس والتقاليد الشعور بوحدة الانتماء.
  • التقاليد والأعراف: تساعد التقاليد والأعراف على توحيد السلوك الإيجابي والاتفاق على السلوك السلبي المرفوض والمؤثر سلبًا على ثقافة المجتمع واستمراريتها وتقدمها.
  • القيم: توفر القيم للمجتمع أو الأفراد ضمن ثقافة ما الشخصية والكيان الذي يحافظ على الاستقلالية والتفرد والقوة.
  • الأيديولوجيا: توفر الأيديولوجيا التفسيرات والتبريرات للعديد من السلوكيات المنتشرة والتي تساهم في تعرف الفرد والمجتمع على الأساسات التي يجب الالتزام بها.
  • الفن والإبداع: يساهم الفن والإبداع في التعبير عن الشعور والمواقف والأحداث المختلفة ضمن المجتمعات المختلفة.