غدانسك هي مدينة بولندية تقع شمال البلاد عند مصب نهر فيستولا على بحر البلطيق، وهذا الموقع المميز جعلها مركزًا للتجارة البحرية في بولندا، بجانب أنها الميناء البحري الرئيسي في البلاد، وغدانسك هي العاصمة الديناميكية لمقاطعة بومورسكي، تأسست المدينة عام 997م وكانت فيما مضى أغنى مدينة في الجمهورية البولندية وأكثر المدن اكتظاظًا بالسكان، وتتأثر المدينة بعدة ثقافات مختلفة منها الألمانية والبولندية واليهودية، وغدانسك هي المدينة التي انطلقت منها شرارة الحرب العالمية الثانية عام 1939م.

تمتد مدينة غدانسك على مساحة 262 كم مربع ويبلغ عدد سكانها 465.849 نسمة بحسب تعداد عام 2021م، وبهذا العدد تصنف المدينة رابع أكبر مدينة حضرية في البلاد.

المناخ

تتمتع مدينة غدانسك بمناخ بحري معتدل، مع أشهر باردة وغائمة ومنخفضة الحرارة في فصل الشتاء، وأشهر صيف معتدلة ترافقها زخات من المطر وعواصف رعدية متكررة.

يبدأ الشتاء في المدينة من شهر كانون الأول/ ديسمبر ويستمر حتى شهر أيار/ مارس، ويتضمن الشتاء تساقط الثلوج لفترات، أما فصل الصيف يبدأ في شهر حزيران/ يونيو، وبشكل عام تميل الأجواء للدفئ في معظم أشهر السنة بينما تكون حارة في بعض الأوقات وقد تصل درجة الحرارة العليا لـ 35 درجة مئوية، ويبلغ متوسط هطول الأمطار السنوي ما يقارب 600 ملم.

وبما أن غدانسك مدينة ساحلية فهي تتأثر بالتغيرات المناخية التي يشهدها العالم ومن أبرزها ارتفاع درجة حرارة المناخ، لذلك فإنّ أكبر خطر يهدد المدينة هو حدوث الفيضانات المفاجئة، بالإضافة لفيضان البحر عند حدوث العواصف، لهذا السبب أنشأ المسؤولون نظام مراقبة هيدرولوجية يعطي تحذيرات سابقة عند احتمالية حدوث فيضانات.

نبذة عن تاريخ غدانسك

ذكرت غدانسك لأول مرة كمدينة بولندية عام 997م، وفي عام 1260م حصلت المدينة على الاستقلال البلدي وأصبحت أحد المراكز التجارية المهمة، وفي عام 1308م تمكن الفرسان التوتونيون (طائفة عسكرية ألمانية) من السيطرة على المدينة وبقيت تحت سيطرتهم حتى عام 1466م، حينما استعادها الملك البولندي كازيمير الرابع، ومن ثم توسعت غدانسك وشهدت تقدمًا وازدهارًا، ووصلت المدينة لذروة تفوقها خلال عصر النهضة كونها الميناء الأهم على بحر البلطيق، وهذا ما جذب لها العديد من السكان، وبحلول عام 1754م كانت تضم عدد سكان يقدر بـ 770.00 نسمة وهو الأعلى في أوروبا الشرقية، واشتهرت غدانسك في تلك الفترة بإنتاج الحبوب (خاصة القمح) فتجاوزت صادراتها السنوية من الحبوب 200.000 طن، ولكن مع انطلاق سلسلة الحروب السويدية تباطأ النمو الاقتصادي في المدينة وبدأت بالتراجع.

وفي عام 1793م ضمتها مملكة بروسيا لها، وفي عام 1807م منحها نابليون امتيازات مدينة حرة شبه مستقلة، وبقيت كذلك حتى عام 1814م حينها عادت المدينة إلى بروسيا بموجب اتفاقية فيينا التي قسمت الأراضي البولندية بين النمسا وروسيا وبروسيا، وفي عام 1871 ضُمت غدانسك للإمبراطورية الألمانية.

وبعد استقلال بولندا بعد الحرب العالمية الأولى رفضت ألمانيا التنازل الكامل عن غدانسك، فبقيت المدينة تتبع للإمبراطورية الألمانية مع وجود حكم إداري بولندي، لذلك اتخذت بولندا قرارًا ببناء ميناء آخر على أراضيها فتم بناء مدينة غدينيا التي ازدهرت بسرعة، وكذلك استمرت غدانسك بالازدهار، وفي عام 1938م طالب الزعيم الألماني أدولف هتلر حكومة بولندا بالتخلي عن غدانسك ومنحها لألمانيا، وهذا ما رفضته بولندا، فردت ألمانيا بشن هجوم على بولندا في 1 سبتمبر 1939م، مما أدى لنشوب الحرب العالمية الثانية التي استمرت منذ عام 1939 - 1945م.

وفي شهر أذار/ مارس من عام 1945م أُعيدت غدانسك لبولندا بشكل كامل بعد 152 عامًا من احتلالها، حينها فر السكان الألمان من المدينة وعاد لها السكان البولنديون، ولحقت بالمدينة أضرار جسيمة نتيجة الحرب، وفيما بعد قادت حكومة بولندا حملة لإعادة إعمار المدينة وترميمها.

وفي عام 1970م تمت المصالحة بين ألمانيا وبولندا، وتخلت ألمانيا عن المطالبة بضم غدانيسك وأقرت بأحقيتها لبولندا.

اقتصاد غدانسك

غدانسك هي عاصمة بولندا البحرية ومركزًا للحياة الاقتصادية والثقافية والعلوم المختلفة، ويهيمن على اقتصاد المدينة صناعة الكيماويات والبتروكيماويات والصناعات الغذائية وبناء السفن، وخلال الأعوام العشرة الماضية زادت نسبة حصة قطاعات التكنولوجيا، مثل قطاع الاتصالات وقطاع الإلكترونيات وهندسة تكنولوجيا المعلومات، ونشطت في المدينة صناعة المستحضرات الطبية والأدوية وصناعة مستحضرات التجميل، وأيضًا تعد معالجة الكهرمان أحد روافد الاقتصاد المحلي لغدانسك، وتدين المدينة بالكثير لمينائها البحري الذي لعب دور كبير ومهم في عملية النقل ومناولة البضائع، وتوصف غدانسك بأنها من أفضل المدن البولندية الجاذبة للاستثمار.

بالإضافة إلى أن السياحة أحد روافد الاقتصاد المحلي للمدينة، إذ تعد غدانسك وجهة سياحية رئيسية خلال أشهر الصّيف لملايين البولنديين والزوار الأوروبيين، فهي توفر لزوارها العديد من المتنزهات والمحميات الطبيعية والعديد من المسارات ودور السينما وأماكن الاستجمام على البحر ومراكز التسوق الكبيرة والمطاعم والمقاهي المريحة والفنادق الفاخرة.

أبرز المعالم السياحية في غدانسك

فيما يلي سنتعرف على أبرز الأماكن السياحية التي لا يمكن تخطي زيارتها عند السفر إلى غدانسك:

  • كنيسة السيدة العذراء: هي كنيسة كاثولوكية رومانية، بوشر العمل ببنائها عام 1343م ولم يكتمل البناء إلا بعد 159 عامًا، وتعد أكبر كنيسة في أورووبا مبنية من الطوب، وعند زيارة الكنيسة يتجه الزوار إلى برج الكنيسة للاستمتاع بمشاهدة مناطر المدينة الرائعة، وللوصول للبرج يجب صعود ما يزيد عن 400 درجة.
  • نافورة نبتون: هي نافورة كبيرة يعلوها تمثال يبلغ وزنه 650 كيلو غرام، وتعدّ النافورة وتمثالها الشهير من أهم معالم غدانسك الأثرية وأشهرها.
  • شارع مارياتسكا: يصنف الشارع بأنه أجمل شارع في مدينة غدانسك، فعلى امتداده تنتشر القصور الحجرية القديمة والسلالم الضخمة المنحوتة بالصخر، ويحوي الشارع عدة محال لبيع الهدايا التذكارية، بالإضافة لعدد من المقاهي والمطاعم.
  • شاطئ جيليتكوو: وهو واحد من أجمل شواطئ بولندا وأشهرها، يحتوي الشاطئ على رمال ذهبية ناعمة ويوفر لمرتاديه ممرًا للمشي وركوب الدراجات.
  • حديقة حيوانات أوليوا: هي أكبر حديقة حيوانات في بولندا وواحدة من أفضل مناطق الجذب بغدانسك، فهي تضم ما يزيد عن 190 نوعًا من الحيوانات المُهددة بالإنقراض، بجانب أنها موطن للعديد من الزواحف والطيور والثدييات والبرمائيات، وما يميزها أنها توفر للأطفال حديقة حيوانات صغيرة يستطيع الأطفال عند دخولها تقديم الطعام للحيوانات، وتضم الحديقة ثلاثة مطاعم.
  • متحف الحرب العالمية الثانية: وهو متحف يعرض تفاصيل الحرب العالمية الثانية منذ بداية وقوعها حتى انتهائها، وتبلغ مساحة المعرض 5000 متر مربع، لهذا يصنف بأنه واحد من أكبر المعارض التاريخية في العالم.