قد تتخطي شُهرة الرقصات والموسيقى الغنائية شُهرة بعض الدول حول العالم، ويوجد دول أخرى تكون تلك الرقصات هي معلمها البارز، وموضوع حديثنا اليوم عن رقصة الرومبا، وهي واحدة من أكثر الرقصات الغنائية شهرة بسبب إيقاعها البطيء والرومانسي، فهي رقصة الحب في كوبا.

أصل كلمة الرومبا

كلمة الرومبا (بالإنجليزية: Rumba) هي مصطلح عام يغطي مجموعة متنوعة من الأسماء الأخرى (على سبيل المثال، سون ودانزون وغواخيرا وغواراشا ونانينغو)، وهي أنواع من الموسيقى والرقصات الهندية الغربية. وتأتي كلمة رومبا من فعل "Rumbear" في اللغة الإسبانية، والذي يعني الذهاب إلى الحفلات والرقص وقضاء وقت ممتع.

كيف ظهر ذلك النوع؟ ولماذا؟

ظهر هذا الشكل من الموسيقى والرقص المفعم بالحيوية في منتصف القرن التاسع عشر، عندما امتزج قرع الطبول للأفارقة المستعبدين مع ألحان المستعمرين الإسبان، أي أنها إرث إسباني إفريقي في البوتقة الكوبية. وكان ذلك النوع من الموسيقى في بداياته من أجل الاحتجاج، فقد رأوه شكلًا حيويًا من أشكال التعبير عن الذات للأشخاص المحرومين من الحريات.

ومن الجدير بالذكر أن الرومبا نشأت في مناطق ميناء هافانا وماتانزاس أولًا، ثم انتقلت لاحقًا إلى مناطق أخرى من كوبا.

أصل رقصة الرومبا

رقصة الرومبا لها مصدرين، أحدهما إسباني والآخر إفريقي، وعلى الرغم من أن النمو الرئيسي كان في كوبا، الدولة التي تقع في منطقة الكاريبي، حدثت تطورات رقص مماثلة في جزر الكاريبي الأخرى وفي أمريكا اللاتينية بشكل عام.

وجاء تأثير الرومبا الحقيقي في القرن السادس عشر عندما تم استيراد العبيد السود من قارة إفريقيا، ورقصة الرومبا الشعبية هي في الأساس إيقاع موسيقي يتم الرقص عليه بسرعة كبيرة مع حركات جسدية مبالغ فيها وبوضع عدواني حسي من جانب الرجل وموقف دفاعي من جانب المرأة.

الأدوات المستخدمة في رقصة الرومبا

في هافانا وماتانزاس الكوبيتين، من المعتاد رؤية الكوبيين يصنعون الطبول من المقاعد وطاولات الدومينو والقنينات الزجاجية لينفجروا في تجمع عفوي للأغاني والرقص، وتُعزف الموسيقى بإيقاع متقطع يتماشى مع الحركات التعبيرية القوية للراقصين، ويتم استخدام آلات موسيقية مثل الماراكاس والعصا والماريمبولا والطبول، فالآلات الموسيقية المستخدمة في العزف بسيطة جدًا.

ومع ذلك، أحيانًا يتم استخدام صندوقين أو حاويات خشبية لإصدار الصوت الصغير، وأيضًا يتم استخدام صناديق مصنوعة من الشمع لإصدار صوت أعلى (بعض تلك الحاويات والصناديق ليست مخصصة تمامًا للرومبا، بل تُستخدم في نقل الأسماك ). وتراهم أيضًا استخدام أي شيء، مثل المعالق التي يتم استخدامها في القرع على الأبواب.

كلمات أغاني الرومبا

تتحدث الأغاني غالبًا عن الحياة اليومية للناس في المجتمعات، وذلك بغض النظر عن العرق أو الطبقة الاجتماعية، وقد أثرت العديد من عناصر الرومبا في رقصات شعبية أخرى وأثرتها، مثل الغواراشا والكاروكا والبيجويني والكونغا والمامبو والشاتشا.

تطور الرومبا

ألغيت العبودية في كوبا بحلول عام 1886م، ومع ذلك استمرت الرومبا في التطور، حيث طور الراقصون أنماطًا مختلفة، مثل نمط كولومبيا الذكوري في المقام الأول واليامبو الحسي والغواوانكو، وهو الشكل الأكثر شعبية في دولة كوبا، وتغير مكان الرومبا في المجتمع في عام 1925.

وفي الآونة الأخيرة، وتحديدًا في الحرب العالمية الثانية، كانت "السون" هي الرقصة الشعبية الأولى للطبقة الوسطى في كوبا، وهي نسخة معدلة أبطأ وأكثر دقة من الرومبا الأصلية، ولا تزال "دانزون" أبطأ رقصات المجتمع الكوبي الثري، ويتم فيها الرقص باتخاذ خطوات صغيرة وبطيئة جدًا، حيث تميل النساء إمالة دقيقة جدًا عن طريق ثني الركبتين واستقامتهما بالتناوب.

وهناك أيضًا الرومبا الأمريكية، وهي نسخة معدلة من "السون"، وأول محاولة جادة لتقديم الرومبا إلى الولايات المتحدة كانت من قبل "لو كوين وجوان سوير" في عام 1913م، وبعد عشر سنوات، استورد قائد الفرقة "إميل كولمان" بعض موسيقيي الرومبا وزوج من راقصي الرومبا إلى نيويورك، وفي عام 1925، افتتح بينيتو كولادا (كلوب الشيكو- Club El Chico) في قرية جرينيتش كونيتيكت ووجد أن سكان نيويورك لا يعرفون ما الذي تدور حوله موسيقى الرومبا الراقصة.

الرومبا تبدأ في خطف الأنظار

بدأ الاهتمام الحقيقي بالموسيقى اللاتينية في العام 1929 الميلادي، وفي أواخر العشرينات من القرن الماضي، شكّل كزافييه كوجات أوركسترا متخصصة في الموسيقى بقارتي أمريكا اللاتينية وافتتح في "كوكنت " في لوس أنجلوس وظهر في بعض الأفلام الصوتية في وقت لاحق من الثلاثينيات وعزف كوجات الرومبا في فندق والدورف أستوريا في نيويورك أيضًا، وبحلول نهاية العقد، اعتُرف به على أنه يمتلك أوركسترا لاتينية بارزة في ذلك الوقت.

وفي عام 1935، لعب جورج رافت دور راقص في مسرحية الرومبا، وهي مسرحية موسيقية سطحية إلى حد ما فاز فيها البطل أخيرًا بالوريثة (كارول لومبارد) من خلال الحب المتبادل للرقص.

أما عن أوروبا، فيرجع الفضل في تقديم رقصات أمريكا اللاتينية وخاصة الرومبا إلى الحماس والقدرة التفسيرية للسيد بيير (مدرس لندن الرائد في هذا الشكل من الرقص)، ففي الثلاثينيات من القرن الماضي ومع شريكته دوريس لافيل، عرض الرقص الأمريكي اللاتيني في لندن وشجعه. وقدم بيير ولافيل الرومبا الكوبية الحقيقية التي أُنشئت أخيرًا بعد الكثير من الجدل، كونها النسخة الرسمية المعترف بها في عام 1955.

أحداث مهمة في تاريخ الرومبا

  • في 30 نوفمبر من عام 2016، قررت اللجنة الدولية الحكومية لليونسكو المنعقدة في إثيوبيا إدراج الرومبا الكوبية في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، المعترف به على أنه مزيج احتفالي من الموسيقى والرقص.
  • وفي واقعة أخرى، حظر الرئيس الكوبي الأسبق جيراردو ماتشادو الرسومات الجسدية والطبول ذات الطبيعة الإفريقية في الأماكن العامة، لكن حكومة فيدل كاسترو الثورية تبنت فيما بعد الرومبا كإبداع أفرو لاتيني للطبقة العاملة.
  • وبحلول ذلك الوقت، كانت الإيقاعات المجمعة قد شقت طريقها بالفعل إلى مشاهد الجاز في نيو أورلينز ونيويورك، وهو بالفعل لا يشبه رقصة الرومبا الأصلية، إلا القليل من التشابه مع الاسم نفسه، ويقول البعض إنه لا يزال من الأفضل تعلم الرومبا الأصلية من الشوارع نفسها.

في الأخير، الحقيقة هي أن الرومبا صعبة مثل أي رقصة تنافسية أخرى وتتطلب الكثير من التدريب من أجل تحقيق مستوى جيد من الأداء فيها، ويجب احترامها كأي نوع آخر من الرقصات والموسيقى الغنائية التي تتجذر في ثقافات الشعوب، فالرومبا هي جسد وروح الموسيقى والرقص في أمريكا اللاتينية، فهي التي تحتوي على الإيقاعات الرائعة والتعبيرات الجسدية التي تجعل منها واحدة من رقصات القاعة الأكثر شعبية حول العالم.