عندما نتحدث عن أساطير كرة القدم وريال مدريد على وجه التحديد، فإن الذاكرة دائمًا ما ستجلب لنا اسم ألفريدو دي ستيفانو، الأرجنتيني الذي غزا ملعب سانتياغو برنابيو بأناقته وسحر موهبته الفذة، لذلك يُعدّ دي ستيفانو أفضل لاعب كرة قدم في تاريخ ريال مدريد والأفضل على الإطلاق لمجلة فرانس فوتبول.

الميلاد والسنوات الأولى

كان اسمه الكامل ألفريدو ستيفانو دي ستيفانو لوله (بالإنجليزية: Alfredo Di Stéfano) وولد في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس في 4 يوليو 1926، وهو الابن الأكبر بين ثلاثة أشقاء لمهاجرين إيطاليين، وعاش سنواته الأولى في حي باراكاس ببوينس آيرس، وفي وقت لاحق انتقلت العائلة إلى حي فلوريس وعمل ألفريدو لبعض الوقت في مجال الزراعة وتربية المواشي، لكن بالنسبة له كانت كرة القدم لا تقل أهمية عن الأكل والشرب.

 بداية الحياة العملية

انضم ألفريدو في طفولته إلى نادي سبورتيفو دي باراكاس، وفي عام 1939 انضم إلى فريق ريفر بليت للأطفال، وبعد اجتياز الفئات الدنيا لفرق الناشئين، وتحديدًا في 7 أغسطس عام 1944، شارك مع الفريق الأول في مباراة خيرية ضد نادي سان لورينزو دي ألماغرو، وفي العام التالي وبتاريخ 15 يوليو ظهر لأول مرة رسميًا مع ريفر ضد هوراكان في المباراة الوحيدة التي شارك بها في ذلك الموسم.

وبعد فوز الريفير بلقب الدوري عام 1945، تمت إعارة دي ستيفانو إلى هوراكان لمدة ستة أشهر، وعاد بعدها إلى ريفر بلايت وفاز معه بالدوري الأرجنتيني عام 1947.

بداية البريق

بعد إضراب لاعبي كرة القدم الأرجنتينيين عام 1948 لأسباب مالية، تمت إعارة ألفريدو دي ستيفانو في عام 1949 إلى نادي ميلوناريوس الكولومبي، حيث تطورت موهبته وزامل اللاعب نيستور روسي وفاز مع الفريق الكولومبي بثلاثة ألقاب في الدوري أعوام 1949، 1951، 1952، وكان هداف الدوري في عامي 1951و1952.

وبعد نهاية موسم 1952، ذهب إلى إسبانيا للعب عدة مباريات مع فريقه الكولومبي، بما في ذلك مباراة ضد ريال مدريد في الذكرى الخمسين للفريق الملكي الإسباني، حيث أعجبت  مهاراته الجميع في ريال مدريد وقتها، وفي ذلك العام انفصل عن نادي ميلوناريوس وعاد إلى بوينس آيرس، حيث تم فسح عقده من قبل الفيفا بسبب خروقات في عقده.

برنابيو يغازل دي ستيفانو

أعجب سانتياغو برنابيو، رئيس نادي ريال مدريد  في ذلك الوقت، باللاعب الأرجنتيني وهو يلعب وقال: عندما رأيته يركض ويتظاهر ويراوغ ثلاثة من فريقي بسرعة فائقة وبأسلوب فريد قلت لنفسي هذا شيء آخر، وأصبحت مهووسًا به، ووضع الرئيس لنفسه هدفًا في ضمه إلى الميرينغي.

صراع برشلونة وريال مدريد من أجل السهم

حاول كل من نادي برشلونة ونادي ريال مدريد التوقيع مع ألفريدو، وبالفعل توصل جوسيب ساميتيير، لاعب برشلونة في ذلك الوقت، إلى اتفاق في مايو مع ريفر بلايت من أجل دي ستيفانو، بينما كان الخبير المالي رايموندو سابورتا هو من تفاوض بشكل مباشر مع اللاعب ومع فريق ميلوناريوس بشأن حقوق اللاعب للانتقال إلى ريال مدريد، وذلك ما خلق أزمة كبرى بين برشلونة وريال مدريد والفيفا.

وفي مايو 1953 وصل دي ستيفانو إلى إسبانيا ولعب عدة مباريات ودية مع برشلونة رغم اتفاقه مع ريال مدريد، وتوسط الفيفا في النزاع من خلال أرماندو مونيوز كاليرو، عضو لجنته التنفيذية، الذي وضع حل بأن  يلعب الأرجنتيني الموسم الأول مع النادي الملكي والثاني مع البلوجرانا، ولكن دي ستيفانو اختار ريال مدريد، الفريق الذي بدأ اللعب معه رسميًا في نفس العام.

دي ستيفانو في ريال مدريد

في 23 سبتمبر 1953، ظهر دي ستيفانو لأول مرة مع ريال مدريد في مباراة ودية ضد فريق نانسي الفرنسي، وبعد أسبوعين ظهر رسميًا في بطولة الدوري ضد سانتاندير، وعلى الفور ظهرت مهارة دي ستيفانو لكل من كان في مدرجات الملعب، حيث كانت مشاهدته يلعب أمرًا مذهلًا، وبفضله استعاد ريال مدريد هيمنته على الدوري الإسباني الذي كان يسيطر عليه برشلونة.

ومع مدريد، تمكن ألفريدو دي ستيفانو من الفوز بثماني بطولات دوري في إسبانيا وخمس كؤوس أوروبية متتالية (دوري أبطال أوروبا) من عام 1955 إلى عام 1960 وكأس إنتركونتيننتال (الأولى في التاريخ، وأقيم في عام 1960 ضد بينارول)، وكانت أهدافه ورؤيته يلعب بمثابة رعب للمنافسين، فهو من جعل ريال مدريد فريق لا يُهزم.

فاز ألفريدو دي ستيفانو بجائزتين للكرة الذهبية، وخلال 396 مباراة رسمية بقميص ريال مدريد تمكن من تسجيل 308  هدف، ويراه أنصار الفريق أفضل لاعب في تاريخ النادي، وفي 27 مايو 1964 لعب أخر مباراة رسمية له بالقميص الأبيض أمام إنتر ميلان في كأس أوروبا.

اختطاف ألفريدو دي ستيفانو

إن واحدة من أكثر الحكايات فضولًا في حياة دي ستيفانو كانت عندما تعرض في 26 أغسطس عام 1963 في كاراكاس، فنزويلا، للاختطاف على أيدي رجال حرب العصابات وأعضاء قوة التحرير الوطنية الفنزويلية، وكان ألفريدو مع ريال مدريد في ذلك البلد للعب كأس العالم للأندية، وكان سبب اختطافه أن العدالة كانت تبحث عن شخص يحمل نفس الاسم متهمًا بتهريب المخدرات.

الاعتزال

بعد وقته الناجح في مدريد، قرر الأرجنتيني إنهاء مسيرته مع نادي ريال كلوب ديبورتيفو إسبانيول في برشلونة، بعد أن أبدت فرق مثل ريال بيتيس وميلان وسيلتيك اهتمامها بخدماته. ومع ذلك، وفي 7 يونيو 1967، نظم ريال مدريد مباراة وداع له ضد سيلتيك الاسكتلندي عندما قرر دي ستيفانو الاعتزال، حيث أراد ريال مدريد تكريم أسطورته الذي رفعهم إلى قمة أوروبا.

والجدير بالذكر أن دي ستيفانو لعب مع دولتين مختلفتين -أي أن اللاعب مثّل منتخبين وطنيين مختلفين- وهما الأرجنتين وإسبانيا عندما حصل على الجنسية الإسبانية، وعلى الرغم من ذلك، لم يشارك قط في كأس العالم، وهو الوضع الذي لم يشوه مسيرته الناجحة.

مسيرته التدريبية

بدأ دي ستيفانو حياته المهنية مدربًا في نادي إلتشي الإسباني، وفي أغسطس 1968 ترأس الإدارة الفنية في بوكا جونيورز، وفي عام 1970 تم تعيينه مديرًا فنيًا لفالنسيا. وفي أول أربع سنوات قضاها في الميستايا ( ملعب فالنسيا في إسبانيا) فاز بلقب الدوري الأول للفريق بعد 24 عامًا من أخر تتويج لهم. بالإضافة إلى ذلك، درب فريق سبورتنج لشبونة البرتغالي وفريق رايو فاليكانو الإسباني وفريق كاستيلون الإسباني أيضًا.

وفي عام 1978 عاد إلى فالنسيا وفاز معه بكأس الكؤوس الأوروبية في 14 مايو 1980 بعد فوزه على أرسنال بركلات الترجيح، وعلى الرغم من هذا النجاح، لم يجدد عقده مع الخفافيش، وفي يوليو 1981 انتهى درب فريق ريفر بليت الذي فاز معه بالدوري عام 1981.

وفي مايو 1982، وقع لريال مدريد مديرًا فنيًا، وفي يناير 1985 عاد ليدرب بوكا، وبعدها بعام عاد إلى فالنسيا، وكان الفريق في الدرجة الثانية، وعاد الخفافيش إلى الدرجة الأولى تحت إدارته، وفي 22 مارس 1988 تمت إقالته من فالنسيا.

ومن الجدير بالذكر أنه في أول اجتماع عُقد للملكي برئاسة فلورنتينو بيريز، قرر مجلس الإدارة تعديل النظام الأساسي للنادي ليكون دي ستيفانو رئيسًا فخريًا للملكي.

الوفاة

في الأخير كان ألفريدو ناجحًا لاعبًا ومدربًا، وتعدّه الفيفا، بجانب دييغو أرماندو مارادونا وبيليه ويوهان كرويف، أحد أفضل أربعة لاعبين في القرن العشرين، ولا يزال اسمه لامعًا في عالم كرة القدم بالرغم من أنه ودّع دنياه وجماهيره ومعجبيه في 7 يوليو عام 2014 في مدريد، تزامنًا مع كأس العالم في البرازيل.