المنطقة الشمالية الشرقية من قارة إفريقيا، المعروفة باسم القرن الإفريقي أو شبه الجزيرة الصومالية، هي شبه جزيرة تقع شرق إفريقيا، تحديدًا عند رأس مضيق باب المندب في الساحل الإفريقي، يحدها المحيط الهندي من ناحية الجنوب والبحر الأحمر من ناحية الشمال، وتتضمن حاليًا دول: إريتريا وإثيوبيا والصومال وجيبوتي، ويضم بعض الجغرافيين كلًا من كينيا والسوادن إليهم، وسميت بهذا الاسم لأن هذه الدول تشكل معًا شكل أشبه بالقرن فوق شبه الجزيرة، وتُعدّ هذه المنطقة استراتيجية وحيوية للغاية لكل من إفريقيا وآسيا بسبب حدودها مع مضيق باب المندب الذي يُعدّ المخرج الرئيسي من البحر الأحمر للمحيط الهندي.

جغرافيا منطقة القرن الإفريقي

يقع القرن الإفريقي في الجانب الشمالي الشرقي من قارة إفريقيا ويبرز بوضوح في بحر العرب ويمتد لمئات الكيلومترات على طول جنوب خليج عدن، وكانت هذه المنطقة قديمًا (في العصور القديمة والوسطى) تسمى ببلاد البربر أو أرض البربر، وتغطي حاليًا مساحة 2 مليون كم مربع تقريبًا، ويسكن بها حوالي 115 مليون نسمة، حيث يبلغ عدد سكان إثيوبيا وحدها 96.6 مليون نسمة، بينما يبلغ عدد سكان إريتريا 6.4 مليون نسمة والصومال 10.4 مليون نسمة وجيبوتي 0.81 مليون نسمة، وهي الدول التي تتضمنها اتفاقية القرن الإفريقي.

تاريخ القرن الإفريقي

يمكن أن يعود تاريخ القرن الإفريقي إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث حدثت الهجرة من إفريقيا من خلال مضيق باب المندب، وخلال التاريخ القديم منذ القرن الثامن قبل الميلاد تطورت الزراعة إلى حد كبير في هذه المنطقة، وفي القرون التالية قامت مملكة أكسوم التي كانت تضم إريتريا والمرتفعات الإثيوبية، والتي وصلت لقمة ازدهارها خلال القرن الأول قبل الميلاد، ثم توسعت وفتحت مملكة حمير، وأصبحت أكسوم أول إمبراطورية كبيرة تتبنى المسيحية، وتطورت التجارة في هذا الوقت لا سيما في شمال الصومال، حيث كان القرن الإفريقي بمثابة حلقة الوصل الذي يربط المنطقة بباقي العالم، وكانت أهم المواد التي تتم التجارة فيها البخور والمرّ والتوابل.

ومع ظهور الإسلام بدأت العديد من الأسر بدخول هذا الدين الجديد، وأصبحت مدينة مقديشو تعرف بمدينة الإسلام، وسيطرت هذه المدينة على تجارة الذهب في منطقة شرق إفريقيا لعدة قرون، وفي العصور الوسطى سيطرت العديد من الإمبراطوريات القوية على منطقة القرن الإفريقي، على رأسهم سلطنة عدل وسلطنة غلدي وسلالة زاغو وسلطنة أجوران وسلطنة ورسنجلي،  وبحلول أوائل القرن الخامس عشر الميلادي، قامت إثيوبيا بتكوين علاقات دبلوماسية مع ممالك أوروبا، وبدأت أولى العلاقات مع البرتغال عام 1508م.

وبعد افتتاح قناة السويس عام 1869م، غزت إيطاليا إريتريا واحتلتها، وفي يناير 1890م أصبحت إريتريا مستعمرة بريطانية بصورة رسمية، لكن القوات الإثيوبية استطاعت وقف التوغل الإيطالي في القرن الإفريقي عام 1896م، وتم طرد القوات الإيطالية من قبل قوات الكومنولث بالتعاون مع المقاومة الإثيوبية عام 1941م، واستمر البريطانيون في إدارة المنطقة حتى عام 1951م، حيث اتحدت إريتريا مع إثيوبيا بقرار من الأمم المتحدة رقم 390، وتم ضم إريتريا وأصبحت المقاطعة الرابعة عشر لإثيوبيا بحلول عام 1952م، لكن مع سوء المعاملة والتقليل من احترام السكان الإريتريين تكونت حركة الاستقلال الإريتري عام 1961م، واندلعت حينها حرب استمرت 30 عامًا، والتي انتهت بحلول عام 1991م بإعلان إريتريا الاستقلال، وحصلت إريتريا على اعتراف دولي بذلك عام 1993.

لكن بحلول عام 1998م نشب نزاع حدودي بين إريتريا وإثيوبيا أدى لقيام الحرب الإريترية الإثيوبية، ومرت كل دولة من دول القرن الإفريقي بالعديد من النزاعات من قبل القوى العالمية بفضل موقعها الاستراتيجي وخيراتها، حتى استطاعت كل الدول إعلان استقلالها تدريجيًا بمرور الوقت.

أهمية منطقة القرن الأفريقي

القرن الإفريقي منطقة مهمة واستراتيجية للغاية، إذ إنها تقع على طريق الشحن الرئيسي الذي ينقل النفط من دول الخليج لأوروبا وأمريكا، وبالتالي فهي واحدة من أكثر المناطق أهمية في العالم، بجانب أنها منطقة غنية بموارد غير مستغلة مثل الذهب والبترول والملح والغاز الطبيعي والطاقة الكهرومائية، وكانت هذه الموارد شيء تتنافس عليه قوى العالم خلال الحرب الباردة والسنوات التي تبعتها، وهذه المنطقة المميزة غنية أيضًا بأنهارها وبحيراتها وغاباتها، وتتوفر فيها الإمكانات الزراعية والماشية، وعلى الرغم من كل هذا ما تزال واحدة من أفقر الأماكن على مستوى العالم وأكثرها اضطرابًا ونزاعًا.

وأدت الكوارث الطبيعية كالجفاف والفيضانات، والكوارث البشرية التي تشمل الحروب والصراعات وما تبعها من تدخلات خارجية إلى مجاعات ودمار شديد لهذه المنطقة، بالإضافة إلى أنها –بحسب ما تشير إليه الأبحاث الحديثة– ستكون أكثر الأماكن عرضة للضرر جراء التغيرات المناخية الحالية، ومن جانب آخر فإن القرن الإفريقي مهم للهند بصورة خاصة، بسبب قرب الهند من هذه المنطقة، لذا تسعى الهند طوال الوقت إلى عقد المبادرات مع إفريقيا، مثل منتدى الهند وإفريقيا لعام 2008م الذي يهدف لإعادة رسم العلاقات الدولية وصياغتها بين الهند والقارة الإفريقية، ومبادرتي نيو دلهي لعامي 2011م في أديس أبابا و2015م في نيودلهي.

الحياة الطبيعية في القرن الإفريقي

يوجد في القرن الإفريقي أكثر من 220 حيوان ثديي، منها الكثير من الأنواع المهددة بالانقراض مثل عدة أنواع من الظباء والغزال وغيرها من الحيوانات البرية مثل قرد البابون الموجود في الصومال، ويوجد هناك حوالي 5000 نوع مختلف من النباتات التي تنتشر في شمال الصومال، ومن أهم الأشجار التي توجد في هذه المنطقة: أشجار النخيل وأشجار الموز وأشجار البن وأشجار البندق.