اللغات الأفرو آسيوية أو اللغات الإفريقية الآسيوية والتي تعرف أيضًا باسم اللغات الحامية السامية، هي مجموعة لغوية رئيسية تضم العديد من لغات العالم، ويتركز أغلب المتحدثين بها في منطقة شمال إفريقيا والقرن الإفريقي والسودان وجنوب غرب آسيا بما فيها الجزيرة العربية والهلال الخصيب، ويتحدث بها عدد من الأقليات في كل من تركيا وإيران، وتعدّ عائلة اللغات الأفرو آسيوية من أهم العائلات اللغوية على مر التاريخ، وتمتلك أطول تاريخ تم تسجيله أكثر من أي عائلة لغوية أخرى.

ويبلغ عدد المتحدثين بهذه العائلة اللغوية أكثر من 350 مليون نسمة على مستوى العالم، أكثرهم استعمالًا هي اللغة العربية التي يزيد عدد المتحدثين بها عن 230 مليون نسمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، واللغة الأمازيغية أو البربرية التي يتم التحدث بها في شمال إفريقيا، والتي يتراوح عدد المتحدثين بها من 25 إلى 35 مليون نسمة، ولغة الهوسا في شمال نيجيريا وجنوب النيجر، والتي يبلغ عدد المتحدثين بها 25 مليون نسمة تقريبًا، والأمهرية التي يتم التحدث بها في إثيوبيا، ويبلغ عدد المتحدثين بها 25 مليون نسمة، والأومو التي يتحدث بها 33 مليون شخص في كينيا وإثيوبيا، والصومالية التي يتحدث بها 15.5 مليون شخص في الصومال، والعبرية التي يتحدث بها حوالي 7 مليون نسمة في مختلف أنحاء العالم، وبجانب هذه اللغات الحديثة الحية فإن هناك عدد من اللغات الأفرو آسيوية المهمة القديمة، على رأسها المصرية القديمة والعربية القديمة والكنعانية والأكادية والآرامية وغيرهم.

أصل اللغات الأفرو آسيوية

جمع اللغويون بحلول أوائل القرن التاسع عشر كلًا من اللغات الأمازيغية والكوشية والمصرية تحت أسرة اللغات الحامية، واعترفوا بالقرابة الجينية لهذه اللغات مع الفرع السامي، ولهذا اشتقوا مصطلح اللغات الحامية السامية اسمًا يطلق على اللغات الأفرو آسيوية، وقدم فريدريش مولر هذا المصطلح ليصف به اللغات الحامية السامية بأكملها في عمله تحت عنوان "مخطط اللغويات" عام 1876م، بينما صاغ موريس ديلافوسي بعدها مصطلح الأفروآسيوية عام 1914م، والتي تكتب "أفرو – آسيوية" في الغالب الآن، إلا أن هذا المصطلح لم يستخدم بشكل عام إلا عام 1950م حين اقترح جوزيف غرينبيرغ أن يتم اعتماده رسميًا، وسعى إلى إثبات أن مصطلح الحامية لا يدل على مجموعة لغوية صحيحة ومضبوطة، لأن التصنيفات الفرعية للغات لا يمكنها أن تعكس العرق، وعلى الرغم من هذا، لا يزال مصطلح الحامية السامية يستخدم حتى الآن في السياق الأكاديمي لعدد من الدول الأوروبية، ويستخدم من قبل الحكومة الهندية.

فروع اللغات الأفرو آسيوية

اللغات الأفرو آسيوية أو اللغات الحامية السامية تنقسم إلى ستة فروع أساسية؛ وهم: السامية والأمازيغية (البربرية) والمصرية (المصرية القديمة والقبطية) والتشادية والكوشية (بما فيها لغة البجا) والأموتية، ويرى البعض العونغوتا من اللغات الأفرو آسيوية، لكن هذا الفرع غير مؤكد حتى الآن.

السامية

اللغات السامية هي أحد أفرع اللغات الأفرو آسيوية التي بدأت تستقل بشكل تدريجي، وهي تنسب للساميين، واستخدم المصطلح للمرة الأولى في الثمانينيات من القرن الثامن عشر، إذ اشتقه أعضاء مدرسة غوتنغن للتاريخ من "سام" بن نوح عليه السلام الذي ذكر في سفر التكوين، ويعيش أغلب المتحدثين بها في الشرق الأوسط وشمال وشرق إفريقيا، وأشهر اللغات السامية وأكثرها انتشارًا الآن هي اللغة العربية، التي يتحدث بها 230 مليون شخص (مصادر أخرى تقول 422 مليون)، والأمهرية التي يتحدث بها 25 إلى 27 مليون متحدث تقريبًا، والتيغرينية التي يتحدث بها 6.7 مليون شخص، ثم العبرية التي يتحدث بها 5 إلى 7 مليون شخص.

الأمازيغية (البربرية)

اللغة الأمازيغية هي اللغة الرسمية في كل من المغرب والجزائر، ويتحدث بها أعداد أقل في ليبيا وتونس وشمال مالي وغرب وشمال النيجر وموريتانيا وواحة سيوة المصرية وشمال بوركينا فاسو، ويتحدث بها العديد من المهاجرين في أوروبا، وللغة الأمازيغية علاقة وثيقة باللغتين المصرية والأثيوبية القديمتين، وتصنف واحدة من فروع اللغات الأفرو آسيوية، وتختلف أبجديتها تمامًا عن العربية واللاتينية، ويعود تاريخ استخدام هذه اللغة لأكثر من 2000 عام قبل الميلاد، ومرت بالعديد من التغيرات حتى استقرت على ما هي عليه الآن منذ 500 عام.

المصرية

المصرية أو المصرية القديمة هي واحدة من فروع اللغات الأفرو آسيوية المنقرضة، التي كان يتم التحدث بها في مصر القديمة، وهي واحدة من أقدم اللغات المكتوبة في التاريخ، وكتبت في البداية بالهيروغليفية حوالي الألفية الرابعة قبل الميلاد، بجانب أنها أطول لغة بشرية مصدق عليها بسجلها الذي يمتد لأكثر من 5000 عام، وتطورت من الشكل الكلاسيكي الذي كان يعرف باللغة المصرية الوسطى إلى القبطية، قبل أن تحل اللغة العربية محلها بعد الفتح الإسلامي لمصر.

التشادية

اللغة التشادية هي واحدة من المجموعات اللغوية التي تندرج تحت اللغات الأفرو آسيوية، والتي سميت بهذا الاسم نسبة إلى بحيرة تشاد، ويتجاوز عدد اللغات التشادية المائة لغة، أهمها لغة السارة ولغة التبو التي تعد من اللغات غير المكتوبة، والتي تستخدم بكثرة بين قبائل شمال تشاد.

الكوشية

اللغات الكوشية هي مجموعة لغوية تتحدث بها شعوب القرن الإفريقي وتندرج تحت أفرع اللغات الأفرو آسيوية، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى كوش ابن حام الذي ذكر في التوراة، وهناك العديد من اللغات الكوشية أهمها العفرية التي يتحدث بها حوالي 8 مليون شخص في إثيوبيا وأريتريا وجيبوتي، والأورومية التي يتحدث بها 21 مليون شخص في إثيوبيا، والصومالية التي يتحدث بها حوالي 10 مليون شخص في الصومال، والسيداما التي يتحدث بها 2 مليون تقريبًا في إثيوبيا.

الأموتية

قبل الستينيات كانت الأموتية تندرج ضمن اللغات الكوشية، وكانت تعرف باسم اللغات الكوشية الشرقية، لكن العلماء اكتشفوا أنها لا تشبه اللغات الكوشية، لذا أصبحت في فرع منفصل تحت اللغات الأفرو آسيوية، والأموتية هي مجموعة من لغات إثيوبيا الجنوبية الغربية وأجزاء من السودان، وأهم اللغات الأموتية: الآري والماو والديزي والغونغا والغيموجا وغيرهم.