معاهدة نانجينغ هي اتفاقية تمّ توقيعها بين المملكة المتحدة ومملكة تشينغ الصينية لتكون نهاية لحرب الأفيون الأولى، وكانت معاهدة نانجينغ الأولى في سلسلة المعاهدات غير المتكافئة التي استهدفت الصين، حيث لم تقدّم المملكة المتحدة فيها أي تنازلات.
ما هي معاهدة نانجينغ؟
هي معاهدة أنهت رسميًا حرب الأفيون الأولى التي استمرت على مدى ثلاث سنوات بين الصين وبريطانيا العظمى، ووقّعت المعاهدة في 29 أغسطس 1842م من قِل الممثّلين المعينين أو الدبلوماسيين الذين منحتهم حكومات بلادهم السلطة في التصرف، فكان طرفا المعاهدة مفوضون من الحكام الصينيين والبريطانيين، فوقّع عن الجانب البريطاني الجنرال السير هنري بوتينجر، الذي أصبح لاحقًا أول حاكم لهونغ كونغ، بينما وقّع عن الجانب الصيني ثلاثة دبلوماسيون صينيون نيابةً عن إمبراطور الصين دوجوانج، الذي ينتمي إلى أسرة تشينغ الصينية.
خلفية تاريخية حول حرب الأفيون
حظرت الصين تجارة الأفيون في عام 1839م واتخذت الحكومة الصينية إجراءات مشددة ضد تجار الأفيون ووصلت عقوبة من يخالف اللوائح إلى الإعدام، في المقابل كان البريطانيون من أبرز موردي الأفيون إلى الصين، الذي كانت الصين تصادره وتتلفه، ورأت ملكة بريطانيا أنّ تدمير المنتجات البريطانية إهانة لبلادها، وبما أنّ المملكة البريطانية كانت أقوى من الإمبراطورية الصينية من الناحية العسكرية ألحقت القوات البريطانية بنظيرتها الصينية خسائر فادحة، وذلك عقب حرب الأفيون الأولى (1839-1842)، والتي انتهت باستيلاء بريطانيا على جزيرة هونغ كونغ الصينية، وفي نهاية المطاف عُقدت معاهدة نانجينغ التي كانت مجحفة بكل بنودها بحق الإمبراطورية الصينية.
بنود معاهدة نانجينغ
أراد إمبراطور الصين وملكة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا إنهاء العمليات العدائية بين بلديهما والوصول إلى اتفاقية سلام من أجل الوصول إلى هذا الهدف، فكانت معاهدة نانجينغ، والتي نصت بنودها على ما يلي:
- البند الأول
بموجب هذا البند سيكون هناك سلام وصداقة بين جلالة إمبراطور الصين وجلالة ملكة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا، وبين رعاياهم الذين سيتمتعون بالحماية والأمن التامّين لأنفسهم وممتلكاتهم.
- البند الثاني
لا يمانع إمبراطور الصين من إقامة المواطنين البريطانيين وأُسرهم وشركاتهم في مدن الصين وقراها بهدف ممارسة أعمالهم التجارية، من دون تعرضهم لأي مضايقات أو عوائق، وستعيّن الحكومة البريطانية موظفين دبلوماسيين لتوفير متطلبات التجار وتسهيل أعمالهم في المناطق التي يتواجدون فيها.
- البند الثالث
نظرًا لأنّ الرعايا البريطانيين سيكون لهم أعمال تجارية نشطة في الصين فإنّهم سيحتاجون إلى موانئ لاستخدام السفن التجارية وغيرها، لذلك على إمبراطور الصين التنازل لملكة بريطانيا عن جزيرة هونغ كونغ، والتي ستصبح ملكًا لبريطانيا وتخضع للأنظمة والقوانين البريطانية.
- البند الرابع
يلتزم إمبراطور الصين بدفع مبلغ 6 ملايين دولار قيمة للأفيون الذي تمّ تسليمه في كانتون في مارس 1839م، تعويضًا عن حياة المشرف على ملكة بريطانيا ورعاياها الذين سُجنوا وتعرضوا للتهديد بالقتل على أيدي ضباط صينيين.
- البند الخامس
يوافق إمبراطور الصين على إلغاء حكومته قرار سابق كان يقضي بإجبار التجار البريطانيين في كانتون على اقتصار تعاملهم على فئة من التجار الصينيين الذين يسمون "كوهونج"، والذين عينتهم الحكومة الصينية لهذا الغرض، وفضلًا عن ذلك يتعهد إمبراطور الصين بدفع مبلغ تعويض قيمته 3 ملايين دولار للتجار البريطانيين المذكورين، نظرًا لأنّهم أصبحوا مدينين بمبالغ ضخمة بسبب القرار الصيني.
- البند السادس
يوافق إمبراطور الصين على تمويل الرحلات الاستكشافية البريطانية للصين في حال أقرتها الحكومة البريطانية.
- البند السابع
يوافق إمبراطور الصين على دفع مبلغ 21 مليون دولار على ثلاث دفعات في أوقات قريبة حددتها الحكومة البريطانية.
- البند الثامن
يوافق إمبراطور الصين على الإفراج غير المشروط عن جميع رعايا مملكة بريطانيا، سواء كانوا مواطني الهند أو أوروبا، الذين كانوا محتجزين في وقت توقيع معاهدة نانجينغ.
- البند التاسع
يوافق إمبراطور الصين على توقيع قرار يتم بموجبه العفو عن الرعايا الصينيين الذين تمّ سجنهم بسبب تعاملهم مع الرعايا البريطانيين بأشكال محظورة أو الرعايا الصينيين الذين كانوا في خدمة الحكومة البريطانية، ثم تعويضهم عمّا تعرضوا له.
- البند العاشر
يوافق إمبراطور الصين على وضع تعرفة جمركية عادلة ومقبولة لجمارك الاستيراد والتصدير والرسوم الأخرى المرتبطة بالموانئ المقرر تخصيصها للتجار البريطانيين في البند الثاني.
- البند الحادي عشر
بناءً على هذا البند سيتم فتح الاتصالات بين كبار ضباط ملكة بريطانيا وكبار الضباط الصينيين في العاصمة والمقاطعات، للعمل على القيام بكل ما فيه مصلحة بريطانيا ورعاياها.
- البند الثاني عشر
بعد دفع الحكومة الصينية لمبالغ التعويضات سيتم سحب القوات البريطانية من نانجينغ والقناة الكبرى وتشينهاي، ولكن ستبقى في جزر كولانغسو وجزر تشوسان، حتى استكمال إنشاء الموانئ المرتبطة بتجار بريطانيا.
- البند الثالث عشر
يتم تبادل التوقيع على معاهدة نانجينغ من قِبل ملكة بريطانيا وإمبراطور الصين بمجرد موافقة الطرفين على بنودها، ثمّ يتم تسليم النسخ الموقعة والمختومة لمفوضي الطرفين، وبعدها تسري جميع ترتيباتها وأحكامها.
آثار معاهدة نانجينع
بناءً على بنود معاهدة نانجينع ستضطر الصين للمرة الأولى للسماح لقوات أجنبية السيطرة على أجزاء من أراضيها، وكذلك تركها تحكم مواطنيها، فبدءًا من تاريخ توقيع المعاهدة احتلت بريطانيا هونغ هونغ لمدة 155 عام، حتى سلمتها للصين في 1 يونيو 1997م، أما من الناحية الاقتصادية أثقلت العقوبات والتعويضات التي ألزمت بريطانيا حكومة الصين بدفعها الخزينة الصينية وأدت إلى استنزافها وإيصال الأسرة الحاكمة إلى وضع مالي متزعزع، أمّا البند الذي أعطى الصلاحيات الأكبر للتجار البريطانيين في الصين فقد أساء جميع القوى الغربية التي كانت تسعى إلى الوصول للسوق الصيني الشاسع، ولكن الامتيازات التي مُنحت للبريطانيين وضعت حد لأهدافهم التجارية، ومن آثار المعاهدة الأخرى أنّ أسرة تشينغ الصينية الحاكمة اضطرت إلى التنازل عن بعض مناطق نفوذها في مقابل التغلب على الديون المستحقة للبريطانيين، وهذا الأمر أدى في النهاية إلى إضعاف سلطة أسرة تشينغ.